عيون الاثر (صفحة 246)

مُحَمَّدًا لَرَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا بِنَا إِلَى اللَّهِ مِنْ فَقْرٍ، وَإِنَّهُ إِلَيْنَا لَفَقِيرٌ، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ وَضَرَبَ وَجْهَ فنحاصَ ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ: لَوْلا الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، فَشَكَاهُ فنحاصُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَنْكَرَ قَوْلَهُ ذَلِكَ فَأَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ [1] الآيَةَ. وَأَنْزَلَ فِي أَبِي بَكْرٍ: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً [2] الآيَةَ. وَكَانَ كَرْدَمُ بْنُ قَيْسٍ وَأُسَامَةُ بْنُ حَبِيبٍ فِي نَفَرٍ مِنْ يَهُودَ يَأْتُونَ رِجَالا مِنَ الأَنْصَارِ يَتَنَصَّحُونَ لَهُمْ، فَيَقُولُونَ لَهُمْ: لا تُنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ، فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْكُمُ الْفَقْرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ- أَيِ التَّوْرَاةَ الَّتِي فِيهَا تَصْدِيقُ مَا جَاءَ به محمد- وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً [3] وكان رافعة بْنُ زَيْدِ بْنِ التَّابُوتِ مِنْ عُظَمَاءِ يَهُودَ، إِذَا كَلَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَى لِسَانَهُ وَقَالَ: أَرْعِنَا سَمْعَكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى نَفْهَمَكَ، ثُمَّ طَعَنَ فِي الإِسْلامِ وَعَابَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ إِلَى وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [4] وَكَلَّمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤَسَاءً مِنْ أَحْبَارِ يَهُودَ، مِنْهُمْ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صُورِيَا الأَعْوَرَ، وَكَعْبَ بْنَ أَسَدٍ،

فَقَالَ لَهُمْ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَسْلِمُوا، فَوَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي جِئْتُكُمْ بِهِ لَحَقٌّ»

قَالُوا: مَا نَعْرِفُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [5] وقال سكين بن عفي بْنِ زَيْدٍ: يَا مُحَمَّدُ: مَا نَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ مُوسَى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ إلى قوله وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [6]

وَدَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم جماعة منهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015