فِي بُرْدِهِ ذَلِكَ إِذَا نَامَ.
فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: لَمَّا اجْتَمَعُوا وَفِيهِمْ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ فَقَالَ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ تَابَعْتُمُوهُ عَلَى أَمْرِهِ كُنْتُمْ مُلُوكَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ فَجُعِلَتْ لَكُمْ جِنَانٌ كَجِنَانِ الأُرْدُنِّ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ لَهُ فِيكُمْ ذَبْحٌ ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ فَجُعِلَتْ لَكُمْ نَارٌ تُحْرَقُونَ فِيهَا، قَالَ: وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ: «نَعَمْ أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ، وَأَنْتَ أَحَدُهُمْ»
وَأَخَذَ اللَّهُ أَبْصَارَهُمْ عَنْهُ فَلا يَرَوْنَهُ، فَجَعَلَ يَنْثُرُ ذَلِكَ التُّرَابَ على رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ إلى قوله: فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [1] حَتَّى فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَؤُلاءِ الآيَاتِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ فَأَتَاهُمْ آتٍ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَقَالَ: وَمَا تَنْتَظِرُونَ هَاهُنَا؟ قَالُوا: مُحَمَّدا، قَالَ: قَدْ خَيَّبَكُمُ اللَّهُ، قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ ثم ما تَرَكَ مِنْكُمْ رَجُلا إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا وَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، أَفَمَا تَرَوْنَهَا بِكُمْ:
قَالَ: فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَإِذَا عَلَيْهِ تُرَابٌ، ثُمَّ جَعَلُوا يَطَّلِعُونَ فيرون عليا على الفراش مستجيا بِبُرْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمُحَمَّدٌ نَائِمًا عَلَيْهِ برده، فلم يزالوا كذلك حتى أصبحوا، فقام عَلِيٌّ عَلَى الْفِرَاشِ فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَنَا الَّذِي كَانَ حَدَّثَنَا، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [2] وَقَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى، أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ [3] .
قَوْلُهُ بِقُبَاءٍ: هُوَ مَسْكَنُ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَلَى فَرْسَخٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَيُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَيُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، وَيُصْرَفُ وَلا يُصْرَفُ. وَذَكَرَ في مهاجري بني دودان بن أسد