قال ابن إسحق: فَلَمَّا تَمَّتْ بَيْعَةُ هَؤُلاءِ لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الْعَقَبَةِ وَكَانَتْ سرا عن كفار قومهم كفار قُرَيْشٍ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَخَرَجُوا أَرْسَالا، أَوَّلُهُمْ فِيمَا قِيلَ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَحُبِسَتْ عَنْهُ امْرَأَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ بِمَكَّةَ نَحْوَ سَنَةٍ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا بَنُو الْمُغِيرَةِ الَّذِينَ حَبَسُوهَا فِي اللِّحَاقِ بِزَوْجِهَا، فَانْطَلَقَتْ وَحْدَهَا مُهَاجِرَةً، حَتَّى إِذَا كَانَتِ بِالتَّنْعِيمِ [1] لَقِيَتْ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ أَخَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا، فَشَيَّعَهَا حَتَّى أَوْفَى عَلَى قَرْيَةِ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ [2] قَالَ لَهَا: هَذَا زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَتْ تَقُولُ: مَا رَأَيْتُ صَاحِبًا قَطُّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ الْمُهَاجِرِينَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ.
رُوِّينَا عَنْ أَبِي عَرُوبَةَ، ثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ وَابْنُ الْمُثَنَّى قَالا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا شُعْبَةُ عن أبي إسحق قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، ثُمَّ عَامِرُ بن ربيعة حليف بن عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ مَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ بْنِ غَانِمٍ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ دَخَلَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْمَدِينَةَ، وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَأَوَّلُ امْرَأَةٍ دَخَلَتِ الْمَدِينَةَ أُمُّ سَلَمَةَ، ثُمَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ