عيون الاثر (صفحة 163)

الحمار ودون البغل مضطرب الأذنين فَرَكِبْتُهُ، فَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مُدَّ بَصَرِهِ، إِذَا أَخَذَ فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلاهُ، وَإِذَا أَخَذَ فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ، وَجَبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ لا يَفُوتُنِي، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا، فَنَشَرَ لِي رَهْطٌ [1] مِنَ الأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ، وَكَلَّمْتُهُمْ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ، فَشَرِبْتُ الأَبْيَضَ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ: شَرِبْتَ اللَّبَنَ وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ، ثُمَّ رَكِبْتُهُ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الحرام فصليت فيه الْغَدَاةَ» ، فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ وَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ ابْنَ عَمِّ أَنْ تُحَدِّثَ بِهَا قُرَيْشًا فَيُكَذِّبُكَ مَنْ صَدَّقَكَ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى عُكَنِهِ [2] فَوْقَ رِدَائِهِ وَكَأَنَّهُ طَيُّ الْقَرَاطِيسِ، وَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ كَادَ يَخْطَفُ بَصَرِي، فَخَرَرْتُ ساجدا، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ: وَيْحَكِ اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةٌ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ [3] فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ: «إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلامُ فَصَلَّيْتُ بهم وكلمتهم» ، فقال عمر بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ: صِفْهِمْ لِي؟ فَقَالَ: «أَمَّا عِيسَى فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ وَدُونَ الطَّوِيلِ، عَرِيضُ الصَّدْرِ ظَاهِرُ الدَّمِ جَعْدُ الشَّعْرِ يَعْلُوهُ صُهْبَةٌ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَمَّا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ فَضَخْمٌ آدَمُ طَوِيلٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ [4] ، كَثِيرُ الشَّعْرِ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُتَرَاكِبُ الأَسْنَانِ مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ خَارِجُ اللِّثَةِ عَابِسٌ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام فوالله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015