الرحيم، الحمد لله رب العالمين، حتى بلغ: ولا الضالين، قال: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَأَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: اثْبُتْ [1] فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْيَمَ، وَإِنَّكَ عَلَى مِثْلِ نَامُوسِ مُوسَى وَإِنَّكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّكَ سَتُؤْمَرُ بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا، وَلَئِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ لأُجَاهِدَنَّ مَعَكَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَرَقَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ الْقِسَّ فِي الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الْحَرِيرِ لأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي» ، يَعْنِي وَرَقَةَ [2] .
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ مُوسَى، ثَنَا عُثْمَانُ بن عمرو بْنِ فَارِسٍ قَالَ:
أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الْهُنَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: لا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا حَدَّثَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «جَاوَرْتُ بِحِرَاءَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ عَنْ يَسَارِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ مِنْ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ شَيْئًا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً، بَارِدًا، فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عليّ ماء باردا، فنزلت هذه الآية: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ مُثَنَّى عَنْ عُثْمَانَ بن عمر بن فارس [3] .
وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ- وهو التعبد- اللَّيَالِي ذَوَاتَ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدَ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدَ لِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ [4] وَهُوَ فِي غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، فقال: مَا أَنَا بِقَارِئٍ [5] ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ