[923] (عَنْ عَبْدِ الله) هو بن مَسْعُودٍ (فَيَرُدُّ عَلَيْنَا أَيِ السَّلَامَ بِاللَّفْظِ (فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ شِينٌ مُعْجَمَةٌ ثُمَّ يَاءٌ ثَقِيلَةٌ كَيَاءِ النَّسَبِ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ وَرَجَّحَهُ الصَّغَانِيُّ وَهُوَ لَقَبٌ مِنْ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَحَكَى الْمُطَّرِّزِيُّ تَشْدِيدَ الْجِيمِ عَنْ بعضهم وخطأه
قال بن الْمَلِكِ كَانَ هَاجَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ حِينُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ فَارِّينَ مِنْهَا لِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنْ إِيذَاءِ الْكُفَّارِ فَلَمَّا خَرَجَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَسَمِعَ أُولَئِكَ بِمُهَاجَرَتِهِ هَاجَرُوا مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَجَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ ومنهم بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ (فَلَمْ يَرُدَّ علينا) أي السلام
روى بن أبي شيبة من مرسل بن سِيرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ على بن مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ السَّلَامَ بِالْإِشَارَةِ
كَذَا فِي الْفَتْحِ (إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا) بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَبِضَمِّهِمَا وَالتَّنْكِيرُ فِيهِ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ أَوْ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ شُغْلًا وَأَيَّ شُغْلٍ لِأَنَّهَا مُنَاجَاةٌ مَعَ اللَّهِ تَسْتَدْعِي الِاسْتِغْرَاقَ بِخِدْمَتِهِ فَلَا يَصْلُحُ الِاشْتِغَالُ بِغَيْرِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ وَظِيفَةَ الْمُصَلِّي الِاشْتِغَالُ بِصَلَاتِهِ وَتَدَبُّرُ مَا يَقُولُهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْرُجَ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ رَدِّ السَّلَامِ وَنَحْوِهِ
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُصَلِّي يُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي الرَّدِّ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ رَدَّهُ حَتَّى يُسْمَعَ وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُ ذَلِكَ
وَقَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ
وروي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَرُدُّ إِشَارَةً وَقَالَ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ رَدَّ السَّلَامَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُشِيرُ
قُلْتُ رَدُّ السَّلَامَ قَوْلًا وَنُطْقًا مَحْظُورٌ وَرَدُّهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ
وَقَدْ رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على بن مَسْعُودٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاتِهِ السَّلَامَ وَالْإِشَارَةُ حَسَنَةٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَشَارَ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ
انْتَهَى
قلت استدل