[848] (إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ) اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقُولُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ وَعَلَى أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةٍ كَمَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ بَلْ فِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَكُونُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَالْوَاقِعُ فِي التَّصْوِيرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ التَّسْمِيعَ فِي حَالِ انْتِقَالِهِ وَالْمَأْمُومُ يَقُولُ التَّحْمِيدَ فِي حَالِ اعْتِدَالِهِ فَقَوْلُهُ يَقَعُ عَقِبَ قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْخَبَرِ
وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ أَدِلَّةٍ صَحِيحَةٍ صَرِيحَةٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فَالسُّنَّةُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَهَا
قَالَ الْحَافِظُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْجُمْهُورِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَشْهَدُ لَهُ وَزَادَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَصِحَّ في ذلك شيء ولم يثبت عن بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الشَّافِعِيَّ انْفَرَدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ نَقَلَ فِي الْأَشْرَافِ عَنْ عَطَاءٍ وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا الْقَوْلُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِلْمَأْمُومِ وَأَمَّا المنفرد فحكى الطحاوي وبن عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَجَعَلَهُ الطَّحَاوِيُّ حُجَّةً لِكَوْنِ الْإِمَامِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى اتِّحَادِ حُكْمِ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لَكِنْ أَشَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إِلَى خِلَافٍ عِنْدَهُمْ فِي الْمُنْفَرِدِ انْتَهَى (فَإِنَّهُ) أَيِ الشَّأْنُ (مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ظَاهِرُهُ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ الْمَاضِيَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الصَّغَائِرِ قَالَهُ الْحَافِظُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ يَقُولُونَ مَعَ الْمُصَلِّي هَذَا الْقَوْلَ وَيَسْتَغْفِرُونَ وَيَحْضُرُونَ بِالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ [849] (عن عامر) هو بن شراحيل الحميري الشعبي أبو عمرو الكوفي امام الْعَلَمُ وُلِدَ لِسِتِّ سِنِينَ خَلَتْ مِنْ خِلَافَةِ عمر روى عنه وعن علي وبن مَسْعُودٍ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُمْ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وعائشة وجرير وبن عَبَّاسٍ وَخَلْقٍ قَالَ أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وعنه بن سِيرِينَ وَالْأَعْمَشُ وَشُعْبَةُ وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَخَلْقٌ
قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ مَا رَأَيْتُ فِيهِمْ أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ
وَقَالَ الْعِجْلِيُّ مُرْسَلُ الشَّعْبِيِّ صَحِيحٌ
وَقَالَ بن عيينة كانت الناس تقول بن عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ وَالشَّعْبِيُّ