غَيْرُ كَذُوبٍ
وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْبَرَاءُ غَيْرُ كَذُوبٍ لِأَنَّ الْبَرَاءَ صَحَابِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَزْكِيَتِهِ وَلَا يَحْسُنُ فِيهِ هَذَا الْقَوْلُ وَهَذَا الذي قاله بن مَعِينٍ خَطَأٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ الْقَائِلَ غَيْرُ كَذُوبٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ وَمُرَادُهُ أَنَّ الْبَرَاءَ غَيْرُ كَذُوبٍ وَمَعْنَاهُ تَقْوِيَةُ الْحَدِيثِ وَتَفْخِيمُهُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي تَمْكِينِهِ مِنَ النَّفْسِ لَا التَّزْكِيَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي مَشْكُوكٍ فيه
ونظيره قول بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَنِي الْحَبِيبُ الْأَمِينُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فَمَعْنَى الْكَلَامِ حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ كَمَا عَلِمْتُمْ فَثِقُوا بِمَا أُخْبِرُكُمْ عنه
وقول بن مَعِينٍ إِنَّ الْبَرَاءَ صَحَابِيٌّ فَيُنَزَّهُ عَنْ هَذَا الْكَلَامِ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ صَحَابِيٌّ أَيْضًا مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ
كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ (أَنَّهُمْ كَانُوا) أَيْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَامُوا قِيَامًا) أَيْ بَقُوا قَائِمِينَ (فَإِذَا رَأَوْهُ) أَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ بِنَحْوِهِ
[621] (فَلَا يَحْنُو أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ حَنَيْتُ ظَهْرِي وَحَنَيْتُ الْعُودَ عَطَفْتُهُ وَحَنَوْتُ لُغَةٌ
قَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ أَيْ لَمْ يَثْنِهِ لِلرُّكُوعِ يُقَالُ حَنَى يَحْنِي وَيَحْنُو
انْتَهَى
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ حَنَا ظَهْرَهُ يَحْنُو وَيَحْنِي ثَنَاهُ
انْتَهَى
وَالْمَعْنَى أَيْ لَمْ يَعْوِجْ ظَهْرَهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (يَضَعُ) أَيْ ظَهْرَهُ أَوْ جَبْهَتَهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ