وَالْجَانِيَ وَذَلِكَ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ تَنْبِيهَهُ لِمَسْأَلَةِ رَبِّهِ تَعَالَى فِي عَذَابِ أَهْلِ قَرْيَةٍ فِيهِمُ الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ فِي شَرْعِ هَذَا النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَتِ الْعُقُوبَةُ لِلْحَيَوَانِ بِالتَّحْرِيقِ جَائِزَةً فَلِذَلِكَ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي إِحْرَاقِ الْكَثِيرِ لَا فِي أَصْلِ الْإِحْرَاقِ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ فَهَلَّا نَمْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ بِخِلَافِ شَرْعِنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ وَقَالَ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ إِحْرَاقُ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ إِلَّا إِذَا أَحْرَقَ إِنْسَانًا فَمَاتَ بِالْإِحْرَاقِ فَلِوَارِثِهِ الِاقْتِصَاصُ بِالْإِحْرَاقِ لِلْجَانِي انْتَهَى كَلَامُ الْعَلَّامَةِ الدَّمِيرِيِّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[5267] (النَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ وَالْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ) بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ أَحَدِهَا وَثَانِيهَا وَيَجُوزُ النَّصْبُ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي
قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَالْمُرَادُ النَّمْلُ الْكَبِيرُ السُّلَيْمَانِيُّ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَأَمَّا النَّمْلُ الصَّغِيرُ الْمُسَمَّى بِالذَّرِّ فَقَتْلُهُ جَائِزٌ وَكَرِهَ مَالِكٌ قَتْلَ النَّمْلِ إِلَّا أَنْ يَضُرَّ وَلَا يَقْدِرَ عَلَى دَفْعِهِ إِلَّا بالقتل
وأطلق بن أَبِي زَيْدٍ جَوَازَ قَتْلِ النَّمْلِ إِذَا آذَتْ انتهى
والصرد على وزن عمر قال بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ هُوَ طَائِرٌ ضَخْمُ الرَّأْسِ وَالْمِنْقَارِ لَهُ رِيشٌ عَظِيمٌ نِصْفُهُ أَبْيَضُ وَنِصْفُهُ أَسْوَدُ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا جَاءَ فِي قَتْلِ النَّمْلِ عَنْ نَوْعٍ مِنْهُ خَاصٍّ وَهُوَ الْكِبَارُ ذَوَاتُ الْأَرْجُلِ الطِّوَالِ لِأَنَّهَا قَلِيلَةُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ وَأَمَّا النَّحْلَةُ فَلِمَا فِيهَا مِنَ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْعَسَلُ وَالشَّمْعُ وَأَمَّا الْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ فَلِتَحْرِيمِ لَحْمِهَا لِأَنَّ الْحَيَوَانَ إِذَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِاحْتِرَامِهِ أَوْ لِضَرَرٍ فِيهِ كَانَ لِتَحْرِيمِ لَحْمِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ مَأْكَلَةٍ وَيُقَالُ إِنَّ الْهُدْهُدَ مُنْتِنُ الرِّيحِ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْجَلَّالَةِ وَالصُّرَدَ تَتَشَاءَمُ بِهِ الْعَرَبُ وَتَتَطَيَّرُ بِصَوْتِهِ وَشَخْصِهِ وَقِيلَ إِنَّمَا كَرِهُوهُ مِنِ اسْمِهِ مِنَ التَّصْرِيدِ وَهُوَ التقليل انتهى كلام بن الأثير
قال المنذري والحديث أخرجه بن مَاجَهْ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ رواه أبو داود عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ انْتَهَى
وَكَذَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ وَالْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ الدَّمِيرِيُّ