(لَا تُخَيِّرُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ) يَعْنِي لَا تُفَضِّلُوا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ أَوْ مَعْنَاهُ لَا تُفَضِّلُوا يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَفْضُولِ مِنْهُمْ وَالْإِزْرَاءِ بِهِ وَهُوَ كُفْرٌ أَوْ مَعْنَاهُ لَا تُفَضِّلُوا فِي نَفْسِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُمْ مُتَسَاوُونَ فِيهَا وَإِنَّمَا التَّفَاضُلُ بِالْخَصَائِصِ وَفَضَائِلَ أُخْرَى كَمَا قَالَ تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بعض الْآيَةَ كَذَا فِي الْمَبَارِقِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى هَذَا تَرْكُ التَّخْيِيرِ بَيْنَهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِزْرَاءِ بِبَعْضِهِمْ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى فَسَادِ الِاعْتِقَادِ فِيهِمْ وَالْإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُعْتَقَدَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي دَرَجَاتِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بعضهم على بعض الْآيَةَ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَتَمَّ مِنْهُ
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ هُوَ مَعْطُوفٌ على أبي سلمة أي بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ يَرْوِي عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ كِلَيْهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عنه
ويعقوب هو بن إبراهيم بن سعد ذكره المزي
(قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى) زَادَ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ عَلَى الْعَالَمِينَ وَالْوَاوُ لِلْقَسَمِ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُقَدَّرٌ (فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ) أي ضربه بكفه كفالة وَتَأْدِيبًا
وَإِنَّمَا صَنَعَ الْمُسْلِمُ ذَلِكَ لِمَا فَهِمَهُ مِنْ عُمُومِ لَفْظِ الْعَالَمِينَ فَدَخَلَ فِيهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَنَّ مُحَمَّدًا أَفْضَلُ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الضَّارِبَ قَالَ أَيْ خَبِيثٌ عَلَى مُحَمَّدٍ كَذَا قَالَ الْحَافِظُ (لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى) أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ أَصْحَابِ النُّبُوَّةِ
وَالْمَعْنَى لَا تُفَضِّلُونِي عَلَيْهِ تَفْضِيلًا يُؤَدِّي إِلَى إِيهَامِ الْمَنْقَصَةِ أَوْ إِلَى تَسَبُّبِ الْخُصُومَةِ (فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ يُقَالُ صَعِقَ الرَّجُلُ إِذَا أَصَابَهُ فَزَعٌ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا مَاتَ مِنْهُ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَوْتِ كَثِيرًا لَكِنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ صَعْقَةُ فَزَعٍ يَكُونُ قَبْلَ الْبَعْثِ يُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الْإِفَاقَةِ بَعْدَهُ لِأَنَّ