حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى لِأَنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ انْتَهَى (إِنَّ قَبْلِهَا صَلَاتَيْنِ) أَيْ إِحْدَاهُمَا نَهَارِيَّةٌ وَأُخْرَى لَيْلِيَّةٌ (وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ) أَيْ إِحْدَاهُمَا نَهَارِيَّةٌ وَأُخْرَى لَيْلِيَّةٌ أَوْ هِيَ وَاقِعَةٌ وَسَطُ النَّهَارِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَظْهَرُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدٍ هَذَا أَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْرُ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا آكَدُ الصَّلَوَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الصُّبْحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهَا الْمَغْرِبُ وَغَيْرُ ذَلِكَ
قَالَ الْحَافِظُ شُبْهَةُ مَنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ الْوُسْطَى الصُّبْحُ قَوِيَّةٌ لَكِنَّ كَوْنَهَا الْعَصْرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرُ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ انْتَهَى
وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلَانِ الْعَصْرُ وَالصُّبْحُ وأصحهما العصر للأحاديث الصحيحة
وقال على القارىء وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا اجْتِهَادٌ مِنَ الصَّحَابِيِّ نَشَأَ مِنْ ظَنِّهِ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الظُّهْرِ فَلَا يُعَارِضُ نَصَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ
[412] (مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً) قَالَ الْبَغَوِيُّ أَرَادَ بِرَكْعَةٍ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا فَفِيهِ تَغْلِيبٌ (وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْفَجْرِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ) قَالَ الْحَافِظُ الْإِدْرَاكُ الْوُصُولُ إِلَى الشَّيْءِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ وَلَيْسَ ذلك مراد بِالْإِجْمَاعِ فَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَدْرَكَ الْوَقْتَ فَإِذَا صَلَّى رَكْعَةً أُخْرَى فَقَدْ كَمُلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ وَلَفْظُهُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسِ وَرَكْعَةً بعد ما تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الرَّدِّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ خَصَّ الْإِدْرَاكَ بِاحْتِلَامِ الصَّبِيِّ وَطُهْرِ الْحَائِضِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرِ وَنَحْوِهَا وَأَرَادَ بِذَلِكَ نُصْرَةَ مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصُّبْحِ رَكْعَةً تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُكْمِلُهَا إِلَّا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ
وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ نَاسِخَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وهي دعوى يحتاج إِلَى دَلِيلٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَارُ إِلَى النَّسْخِ بِالِاحْتِمَالِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُحْمَلَ أحاديث النهي على مالا سَبَبَ لَهُ مِنَ النَّوَافِلِ
وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنِ ادِّعَاءِ النَّسْخِ