(بَاب فِي التَّفْضِيلِ)

(لَا نَعْدِلُ) أَيْ لَا نُسَاوِي (بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا) أَيْ مِنَ الصَّحَابَةِ بَلْ نُفَضِّلُهُ عَلَى غَيْرِهِ (ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عثمان) أي ثم لانعدل بِهِمَا أَحَدًا أَوْ ثُمَّ نُفَضِّلُهُمَا عَلَى غَيْرِهِمَا (لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا لَا نُفَاضِلُ بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ أَيْ لَا نُوقِعُ الْمُفَاضَلَةَ بَيْنَهُمْ

وَالْمَعْنَى لَا نُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَجْهُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الشُّيُوخَ وَذَوِي الْأَسْنَانِ مِنْهُمُ الَّذِينَ كَانَ رَسُولُ الله إذا حز به أَمْرٌ شَاوَرَهُمْ فِيهِ وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حديث السن ولم يرد بن عُمَرَ الِازْدِرَاءَ بِعَلِيٍّ وَلَا تَأْخِيرَهُ وَدَفْعَهُ عَنِ الْفَضِيلَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ وَفَضْلُهُ مَشْهُورٌ وَلَا يُنْكِرُهُ بن عُمَرَ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ إِلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِ وَذَهَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى تَقْدِيمِ عَلِيٍّ عَلَى عُثْمَانَ

قَالَ وَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي هَذَا مَذَاهِبُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ جِهَةِ الصَّحَابَةِ وَبِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ مِنْ وِجْهَةِ الْقَرَابَةِ وَقَالَ قَوْمٌ لَا يُقَدَّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

وَكَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ خَيْرٌ وَعَلِيٌّ أَفْضَلُ

قَالَ وَبَابُ الْخَيْرِيَّةِ غَيْرُ بَابِ الْفَضِيلَةِ وَهَذَا كَمَا يَقُولُ إِنَّ الْحُرَّ الْهَاشِمِيَّ أَفْضَلُ مِنَ الْعَبْدِ الرومي والحبشي وقد يكون العبد الحبشي خير مِنْ هَاشِمِيٍّ فِي مَعْنَى الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالْمَنْفَعَةِ لِلنَّاسِ فَبَابُ الْخَيْرِيَّةِ مُتَعَدٍّ وَبَابُ الْفَضِيلَةِ لَازِمٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ فَقَالَ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ أَنْتَ يَا أَبَتِ

فَكَانَ يَقُولُ مَا أَبُوكَ إِلَّا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ

(كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حي) الواو للحال (بعده) قال القارىء أي بعد النبي وَأَمْثَالِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَوْ بَعْدَ وُجُودِهِ انْتَهَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015