وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ نَعَمْ (فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ) وَإِنَّمَا سَأَلَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ إِلَّا بِحُكْمِ اللَّهِ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِالْحُكْمِ الصِّرْفِ لَا بِالتَّصَالُحِ وَالتَّرْغِيبِ فِيمَا هُوَ الْأَرْفَقُ بِهِمَا إِذْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ بِرِضَا الْخَصْمَيْنِ (عَسِيفًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْفَاءِ أَيْ أَجِيرًا (عَلَى هَذَا) أَيْ عِنْدَهُ أَوْ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ) هَذَا التَّفْسِيرُ مُدْرَجٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ (فَأَخْبَرُونِي) أَيْ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ (فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ولدي قاله القارىء
وَقَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ أَيْ مِنَ الرَّجْمِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ (بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي) أَيْ أَعْطَيْتُهُمَا فِدَاءً وَبَدَلًا عَنْ رَجْمِ وَلَدِي (ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أهل العلم) أي كبراءهم وفضلاءهم (أنما عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ ضَرْبَ مِائَةِ جَلْدَةٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْصَنٍ (وَتَغْرِيبَ عَامٍ) أَيْ إِخْرَاجَهُ عَنِ الْبَلَدِ سَنَةً (وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ (أَمَا) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ بِمَعْنَى أَلَا لِلتَّنْبِيهِ (فَرَدٌّ إِلَيْكَ) أَيْ مَرْدُودٌ إِلَيْكَ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَمَا فِي هَذَا الصُّلْحِ الْفَاسِدِ لَا يُمْلَكُ بَلْ يَجِبُ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ (وَجَلَدَ ابْنَهُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ جَلَدَهُ ضَرَبَهُ بِالسَّوْطِ (وَغَرَّبَهُ عَامًا) أَيْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْبَلَدِ سَنَةً
قَالَ فِي النَّيْلِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ التَّغْرِيبِ وَوُجُوبِهِ عَلَى مَنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَقَدِ ادَّعَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الزَّانِي البكر إلا عن الكوفيين
وقال بن المنذر أقسم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ أَنَّهُ يَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلَيْهِ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَطَبَ عُمَرُ بِذَلِكَ عَلَى رُؤُوسِ الْمَنَابِرِ وَعَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ فَكَانَ إِجْمَاعًا انْتَهَى (وَأَمَرَ أُنَيْسًا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَآخِرُهُ سين مهملة مصغرا هو بن الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ) أَيْ بالزنى (فَرَجَمَهَا) أَيْ أُنَيْسٌ تِلْكَ الْمَرْأَةَ
قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ وَإِنَّمَا بَعَثَهُ لِإِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ فَلَهَا عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ فَتُطَالِبُهُ به أو تعفو إلا أن تعترف بالزنى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ بَلْ عَلَيْهَا حد الزنى وَهُوَ الرَّجْمُ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحْصَنَةً فَذَهَبَ إِلَيْهَا أُنَيْسٌ فَاعْتَرَفَتْ بِهِ فَأَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهَا فَرُجِمَتْ قَالَ