(فَحَدَّثْتُهُ) أَيْ ذَكَرْتُ لَهُ مَا حَدَّثَ مَرْوَانُ مِنْ أَوَّلِ الْآيَاتِ الدَّجَّالُ (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ عَمْرٍو (لَمْ يَقُلْ) أَيْ مَرْوَانُ (شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُعْتَبَرُ بِهِ وَيُعْتَدُّ
وقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ يُرِيدُ أَنَّ مَا قَالَهُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ لَكِنْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ ظُهُورُ الدَّجَّالِ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ فِي زَمَانِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً فَلَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَنَزَلَ عِيسَى لَمْ يَنْفَعِ الْكُفَّارَ إِيمَانُهُمْ أَيَّامَ عِيسَى وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُمْ لَمَا صَارَ الدِّينُ وَاحِدًا وَلِذَلِكَ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْآيَاتِ إِمَّا أَمَارَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وُجُودِهَا وَمِنَ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنَحْوُهُ وَمِنَ الثَّانِي طُلُوعُ الشَّمْسِ وَنَحْوُهُ فَأَوَّلِيَّةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِسْمِ الثَّانِي انْتَهَى (إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا أَيْ) ظُهُورًا ضُحًى بِالتَّنْوِينِ أَيْ وَقْتَ ارتفاع النهار قال العلقمي قال بن كَثِيرٍ أَيْ أَوَّلَ الْآيَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَأْلُوفَةً وإن كان الدجال ونزول عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ كُلُّ ذَلِكَ أُمُورٌ مَأْلُوفَةٌ لِأَنَّهُمْ بَشَرٌ مُشَاهَدَتُهُمْ وَأَمْثَالُهُمْ مَأْلُوفَةٌ فَإِنَّ خُرُوجَ الدَّابَّةِ عَلَى شَكْلٍ غَرِيبٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ وَمُخَاطَبَتَهَا النَّاسَ وَوَسْمَهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ أَوِ الْكُفْرِ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَجَارِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْأَرْضِيَّةِ كَمَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ أَوَّلُ الْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ انْتَهَى (وقال القرطبي في التذكرة) روى بن الزُّبَيْرِ أَنَّهَا جُمِعَتْ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ فَرَأْسُهَا رَأْسُ ثَوْرٍ وَعَيْنُهَا عَيْنُ خِنْزِيرٍ وَأُذُنُهَا أُذُنُ فيل وقرنها قرن إبل وَعُنُقُهَا عُنُقُ النَّعَامَةِ وَصَدْرُهَا صَدْرُ أَسَدٍ وَلَوْنُهَا لَوْنُ نَمِرٍ وَخَاصِرَتُهَا خَاصِرَةُ هِرٍّ وَذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبْشٍ وَقَوَائِمُهَا قَوَائِمُ بَعِيرٍ بَيْنَ كُلِّ مَفْصِلٍ ومفصل اثني عَشَرَ ذِرَاعًا
ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا ذَكَرَهُ الْعَزِيزِيُّ (فَأَيَّتُهُمَا) بِشَدَّةِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَحْصُلُ عَقِبَهَا (قال عبد الله) أي بن عَمْرٍو (وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَائِلُهَا أَبُو زُرْعَةَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ أَيِ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ يَكُونُ مَكْتُوبًا فِيهَا أَوْ مُسْتَنْبَطًا مِنْهَا (وَأَظُنُّ أَوَّلَهُمَا خُرُوجًا إِلَخْ) مَقُولُهُ قال قال المنذري وأخرجه مسلم وبن ماجه وليس في حديث بن مَاجَهْ قِصَّةُ مَرْوَانَ