لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلِي مَا الَّذِي غَالَهُ فِي الْحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الحديث ما وادعكم أَيْ سَالَمُوكُمْ فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ مِنْ قَلَمِ بَعْضِ الرُّوَاةِ قَالَ وَلَا افْتِقَارَ إِلَى هَذَا مَعَ وُرُودِهِ فِي التَّنْزِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا ودعك قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْعَلْقَمِيِّ (وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ) أَيْ مُدَّةَ تَرْكِهِمْ لَكُمْ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُمْ إِلَّا إِنْ تَعَرَّضُوا لَكُمْ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ قوله تعالى قاتلوا المشركين كافة وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ وَالْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيُجْعَلُ الْحَدِيثُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْآيَةِ كَمَا خَصَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ كَفَرَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِلْحَدِيثِ لِضَعْفِ الْإِسْلَامِ
وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْحَبَشَةِ وَالتُّرْكِ بالترك والودع فلأن بلاد الحبشة وغيره بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ مَهَامِهٌ وَقِفَارٌ فَلَمْ يُكَلِّفِ الْمُسْلِمِينَ دُخُولَ دِيَارِهِمْ لِكَثْرَةِ التَّعَبِ وَعَظَمَةِ الْمَشَقَّةِ وَأَمَّا التُّرْكُ فَبَأْسُهُمْ شَدِيدٌ وَبِلَادُهُمْ بَارِدَةٌ وَالْعَرَبُ وَهُمْ جُنْدُ الْإِسْلَامِ كَانُوا مِنَ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ فَلَمْ يُكَلِّفْهُمْ دُخُولَ الْبِلَادِ فَلِهَذَيْنِ السِّرَّيْنِ خَصَّصَهُمْ وَأَمَّا إِذَا دَخَلُوا بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ قَهْرًا وَالْعِيَاذُ بالله فلا يحوز لِأَحَدٍ تَرْكَ الْقِتَالَ لِأَنَّ الْجِهَادَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَرْضُ عَيْنٍ وَفِي الْأُولَى فَرْضُ كِفَايَةٍ ذكره القارئ
وَقَالَ وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ مَا تَرَكُوكُمُ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَتَمَّ مِنْهُ
وَأَبُو سُكَيْنَةَ هَذَا رَوَى حَدِيثَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ رَوَاهُ غَيْرَهُ وَلَا مَنْ سَمَّاهُ
[4303] قَوْمًا بَدَلٌ مِنَ التُّرْكِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْمٌ بِالرَّفْعِ أَيْ هُمْ قَوْمٌ (وُجُوهُهُمْ كَالْمَجَانِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ جَمْعُ الْمِجَنِّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ التُّرْسُ (الْمُطْرَقَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ الْمُجَلَّدَةِ طَبَقًا فَوْقَ طَبَقٍ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي أُلْبِسَتْ طِرَاقًا أَيْ جِلْدًا يَغْشَاهَا وَقِيلَ هِيَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْإِطْرَاقِ وَهُوَ جَعْلُ الطِّرَاقِ بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيِ الجلد على وجه الترس ذكره القارىء