قَالَ قَتَادَةُ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ هُمُ الَّذِينَ ارتدوا بعد وفاة النبي فِي زَمَنِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قاله القارىء (قال) أي النبي (خَلِيفَةٌ فِي الْأَرْضِ) أَيْ مَوْجُودًا فِيهَا وَلَوْ مِنْ صِفَتِهِ أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا (فَضَرَبَ ظَهْرَكَ) بِالْبَاطِلِ وَظَلَمَكَ فِي نَفْسِكَ (وَأَخَذَ مَالَكَ) بِالْغَصْبِ أو مالك من المنصب النصيب بالتعدي قاله القارىء (فَأَطِعْهُ) أَيْ وَلَا تُخَالِفُهُ لِئَلَّا تَثُورَ فِتْنَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ (فَمُتْ) أَمْرٌ مِنْ مَاتَ يَمُوتُ كَأَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الْخُمُولِ وَالْعُزْلَةِ بِالْمَوْتِ فَإِنَّ غَالِبَ لَذَّةِ الْحَيَاةِ تَكُونُ بِالشُّهْرَةِ وَالْخِلْطَةِ وَالْجَلْوَةِ (وَأَنْتَ عَاضٌّ) بِتَشْدِيدِ الضَّادِ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ حَالَ كَوْنِكِ آخِذًا بِقُوَّةٍ وَمَاسِكًا بِشِدَّةٍ (بِجِذْلِ شَجَرَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا أَيْ بِأَصْلِهَا أَيِ اخْرُجْ مِنْهُمْ إِلَى الْبَوَادِي وَكُلْ فِيهَا أُصُولَ الشَّجَرِ وَاكْتَفِ بِهَا قَالَهُ السِّنْدِيُّ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْجِذْلُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا لَامٌ عُودٌ يُنْصَبُ لِتَحْتَكَّ بِهِ الْإِبِلُ
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْمَعْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةٌ فَعَلَيْكَ بِالْعُزْلَةِ وَالصَّبْرِ عَلَى تَحَمُّلِ شِدَّةِ الزَّمَانِ وَعَضُّ أَصْلِ الشَّجَرَةِ كِنَايَةٌ عَنْ مُكَابَدَةِ الْمَشَقَّةِ كَقَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَعَضُّ الْحِجَارَةَ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ أَوِ الْمُرَادُ اللُّزُومُ كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ (قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا) أي من الفتن (قال) النبي (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الدَّجَّالِ (نَهْرٌ) بِسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ نَهْرُ مَاءٍ (وَنَارٌ) أَيْ خَنْدَقُ نَارٍ قِيلَ إِنَّهُمَا عَلَى وَجْهِ التَّخَيُّلِ مِنْ طَرِيقِ السِّحْرِ وَالسِّيمِيَاءِ وَقِيلَ مَاؤُهُ فِي الْحَقِيقَةِ نَارٌ وَنَارُهُ مَاءٌ (فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ) أَيْ مَنْ خَالَفَهُ حَتَّى يُلْقِيَهُ فِي نَارِهِ وَأَضَافَ النَّارَ إِلَيْهِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنَارٍ حَقِيقَةً بَلْ سِحْرٍ (وَجَبَ أَجْرُهُ) أَيْ ثَبَتَ وَتَحَقَّقَ أَجْرُ الْوَاقِعِ (وَحُطَّ) أَيْ وَرُفِعَ وَسُومِحَ (وِزْرُهُ) أَيْ إِثْمُهُ السَّابِقُ (وَمَنْ وَقَعَ في نهره) أي حديث وَافَقَهُ فِي أَمْرِهِ (وَجَبَ وِزْرُهُ) أَيِ اللَّاحِقُ (وَحُطَّ أَجْرُهُ) أَيْ بَطَلَ عَمَلُهُ السَّابِقُ (قَالَ) حذيفة (قال) النبي (ثُمَّ هِيَ) أَيِ الْفِتْنَةُ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْحَدِيثِ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ كَيْفَ أَقَامَ كُلًّا مِنْهُمْ فِيمَا شَاءَ فَحَبَّبَ إِلَى أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ السُّؤَالَ عَنْ وُجُوهِ الْخَيْرِ لِيَعْمَلُوا بِهَا وَيُبَلِّغُوهَا غَيْرَهُمْ وَحَبَّبَ لِحُذَيْفَةَ السُّؤَالَ