17 - (بَاب فِي الْخِضَابِ)

أَيْ تَغْيِيرُ شَيْبِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ

[4203] (يَبْلُغُ بِهِ) أَيْ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ) أَيْ لَا يُخَضِّبُونَ لِحَاهُمْ

وَجَاءَ صَبَغَ مِنْ بَابِ مَنَعَ وَضَرَبَ وَنَصَرَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (فَخَالِفُوهُمْ) أَيْ فَاخْضِبُوا لِحَاكُمْ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي شَرْعِيَّةِ الْخِضَابِ هِيَ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَبِهَذَا يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْخِضَابِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَالِغُ فِي مُخَالَفَتِهِمْ وَيَأْمُرُ بِهَا وَهَذِهِ السُّنَّةُ قَدْ كَثُرَ اشْتِغَالُ السَّلَفِ بِهَا وَلِهَذَا تَرَى الْمُؤَرِّخِينَ فِي التَّرَاجِمِ لَهُمْ يقولون وكان يخضب ولا تخضب قَالَ النَّوَوِيُّ مَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ خِضَابِ الشَّيْبِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِصُفْرَةٍ أَوْ حُمْرَةٍ وَيَحْرُمُ بِالسَّوَادِ عَلَى الْأَصَحُّ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجة

ــــــــــــQذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ الْخِضَاب وَالْخِلَاف فِيهِ

ثُمَّ قَالَ شمس الدين بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَالصَّوَاب أَنَّ الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب لَا اِخْتِلَاف بَيْنهَا بِوَجْهٍ فَإِنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَغْيِير الشَّيْب أَمْرَانِ أَحَدهمَا نَتْفه

وَالثَّانِي خِضَابه بِالسَّوَادِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَلَّذِي أَذِنَ فِيهِ هُوَ صَبْغه وَتَغْيِيره بِغَيْرِ السَّوَاد كَالْحِنَّاءِ وَالصُّفْرَة وَهُوَ الَّذِي عَمَله الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ

قَالَ الْحَكَم بْن عَمْرو الْغِفَارِيُّ دَخَلْت أَنَا وَأَخِي رَافِع عَلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأَنَا مَخْضُوب بِالْحِنَّاءِ وَأَخِي مَخْضُوب بِالصُّفْرَةِ فَقَالَ عُمَر هَذَا خِضَاب الْإِسْلَام وَقَالَ لِأَخِي هَذَا خِضَاب الْإِيمَان وَأَمَّا الْخِضَاب بِالسَّوَادِ فَكَرِهَهُ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم وَهُوَ الصَّوَاب بِلَا رَيْب لِمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَد تُكْرَه الْخِضَاب بِالسَّوَادِ قَالَ أَيْ وَاَللَّه

وَهَذِهِ الْمَسْأَلَة مِنْ الْمَسَائِل الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا وَقَدْ جَمَعَهَا أَبُو الْحَسَن وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّن التَّلْبِيس بِخِلَافِ الصُّفْرَة

وَرَخَّصَ فِيهِ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْحَسَن وَالْحُسَيْن وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَعَبْد اللَّه بْن جَعْفَر وَعُقْبَة بْن عامر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015