الدِّبَاغِ فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يُسَمَّى إِهَابًا انْتَهَى
وَسَيَجِيءُ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ قَالَ يسمى إهابا لَمْ يُدْبَغْ فَإِذَا دُبِغَ لَا يُقَالُ لَهُ إِهَابٌ
[4120] (قَالَ مُسَدَّدٌ وَوَهْبٌ عَنْ مَيْمُونَةَ) أَيْ قالا في روايتهما عن بن عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِزِيَادَةِ وَاسِطَةِ مَيْمُونَةَ
وَأَمَّا عثمان وبن أَبِي خَلَفٍ فَلَمْ يَذْكُرَا مَيْمُونَةَ (أُهْدِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (أَلَا) هُوَ لِلتَّحْضِيضِ (فَاسْتَمْتَعْتُمْ) أَيِ اسْتَنْفَعْتُمْ (بِهِ) أَيْ بِإِهَابِهَا (إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ لِأَنَّ لَفْظَ القرآن (حرمت عليكم الميتة) وَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا فِي كُلِّ حَالٍ فَخَصَّتِ السُّنَّةُ ذَلِكَ بِالْأَكْلِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ لِجُلُودِ الْمَيْتَةِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى سَبْعَةِ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جَمِيعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْمُتَوَلِّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِهِ وَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ظَاهِرُ الْجِلْدِ وَبَاطِنُهُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَائِعَةِ وَالْيَابِسَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنَ الْجُلُودِ بِالدِّبَاغِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ
وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ جِلْدُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَلَا يطهر غيره وهو مذهب الأوزاعي وبن الْمُبَارَكِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ يَطْهُرُ جُلُودُ جَمِيعِ الْمَيْتَاتِ إِلَّا الْخِنْزِيرَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ
وَالْمَذْهَبُ الْخَامِسُ يَطْهُرُ الجميع إلا أنه يطهر ظاهر لا دُونَ بَاطِنِهِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ لَا فِيهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ فِي حِكَايَةِ أَصْحَابِنَا عَنْهُ
وَالْمَذْهَبُ السَّادِسُ يَطْهُرُ الْجَمِيعُ وَالْكَلْبُ وَالْخِنْزِيرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُدَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يوسف
والمذهب السابع أنه ينتفع جلود الْمَيْتَةِ وَإِنْ لَمْ تُدْبَغْ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَائِعَاتِ وَالْيَابِسَاتِ وَهُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ
كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مسلم