الْمَيِّتِ أَنْ يُقَالَ لَهُ عَلَيْكَ السَّلَامُ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعَامَّةِ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النبي أَنَّهُ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ دَارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ فَقَدَّمَ الدُّعَاءَ عَلَى اسْمِ الْمَدْعُوِّ لَهُ كَهُوَ فِي تَحِيَّةِ الْأَحْيَاءِ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ مِنْهُ إِشَارَةً إِلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْهُمْ فِي تَحِيَّةِ الْأَمْوَاتِ إِذْ كَانُوا يُقَدِّمُونَ اسْمَ الْمَيِّتِ عَلَى الدُّعَاءِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي أَشْعَارِهِمْ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ عَلَيْكَ سَلَامُ اللَّهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ وَرَحْمَتُهُ إِنْ شَاءَ أَنْ يَتَرَحَّمَا وَكَقَوْلِ الشَّمَّاخِ عَلَيْكَ سَلَامٌ مِنْ أَمِيرٍ وَبَارَكَتْ يَدُ اللَّهِ فِي ذَاكَ الْأَدِيمِ الْمُمَزَّقِ
وَالسُّنَّةُ لَا تَخْتَلِفُ فِي تَحِيَّةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ إِلَخْ) صِفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَدَعَوْتَهُ) بِصِيغَةِ الْخِطَابِ (كَشَفَهُ عَنْكَ) أَيْ دَفَعَهُ عَنْكَ (عَامُ سَنَةٍ) أَيْ قَحْطٍ وَجَدْبٍ (أَنْبَتَهَا لَكَ) أَيْ صَيَّرَهَا ذَاتَ نَبَاتٍ أَيْ بَدَّلَهَا خِصْبًا (بِأَرْضٍ قَفْرٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ خَالِيَةٍ عن الماء والشجر (أوفلاة) أَيْ مَفَازَةٍ (فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ) أَيْ ضَاعَتْ وَغَابَتْ عَنْكَ (اعْهَدْ إِلَيَّ) أَيْ أَوْصِنِي بِمَا أَنْتَفِعُ بِهِ (إِنَّ ذَلِكَ) أَيْ كَلَامَكُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ) أَيِ احْذَرْ إِرْسَالَ الْإِزَارِ وَإِرْخَاءَهُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ (فَإِنَّهَا) أَيْ إِسْبَالَ الْإِزَارِ (مِنَ الْمَخِيلَةِ) بِوَزْنِ عَظِيمَةٍ وَهِيَ بِمَعْنَى الْخُيَلَاءِ وَالتَّكَبُّرِ (فَلَا تُعَيِّرْهُ) مِنَ التَّعْيِيرِ وَهُوَ التَّوْبِيخُ وَالتَّعْيِيبُ عَلَى ذَنْبٍ سَبَقَ لِأَحَدٍ مِنْ قَدِيمِ الْعَهْدِ سَوَاءً عَلِمَ تَوْبَتَهُ مِنْهُ أَمْ لَا وَأَمَّا التَّعْيِيرُ
ــــــــــــQالْقَلْب وَالسَّمْع ذِكْر اِسْم الْمَحْبُوب الْمَطْلُوب ثُمَّ يَتْبَعهُ بِذِكْرِ الْمَدْعُوّ لَهُ
وَأَمَّا فِي الدُّعَاء عليه ففي تقديم المدعو عليه إيدان بِاخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ الدُّعَاء كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ هَذَا لَك وَحْدك لَا يُشْرِكك فِيهِ الدَّاعِي وَلَا غَيْره بِخِلَافِ الدُّعَاء بِالْخَيْرِ
فَإِنَّ الْمَطْلُوب عُمُومه
وَكُلَّمَا عَمَّمَ بِهِ الدَّاعِي كَانَ أَفْضَل
فَلَمَّا كَانَ التَّقْدِيم مُؤْذِنًا بِالِاخْتِصَاصِ تُرِك
وَلِهَذَا يُقَدَّم إِذَا أُرِيد الِاخْتِصَاص كَقَوْلِهِ (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَات من ربهم ورحمة) والله أعلم