قَالَ الْمُظْهِرُ يَعْنِي لُبْسَ الْحَرِيرِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ سَوَاءً كَانَتْ تَحْتَ الثِّيَابِ أَوْ فَوْقَهَا وَعَادَةُ جُهَّالِ الْعَجَمِ أَنْ يَلْبَسُوا تَحْتَ الثِّيَابِ ثَوْبًا قَصِيرًا مِنَ الْحَرِيرِ لِيُلَيِّنَ أَعْضَاءَهُمْ وَكَذَا قَوْلُهُ (أَوْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا) أَيْ علما من حرير زائدا عَلَى قَدْرِ أَرْبَعِ أَصَابِعٍ (وَعَنِ النُّهْبَى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى النَّهْبِ وَالْإِغَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ اسْمًا لِمَا يُنْهَبُ وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ إِغَارَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَرُكُوبِ النُّمُورِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ نِمْرٍ أَيْ جُلُودِهَا قِيلَ لِأَنَّهَا مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ (وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ) بِضَمِّ اللَّامِ مَصْدَرٌ كَالدُّخُولِ وَالْخَاتِمُ بِكَسْرِ التاء ويفتح (إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إِثْمًا كُرْهُ الْخَاتَمِ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ زِينَةً مَحْضَةً لَا لِحَاجَةٍ وَلَا لِإِرْبٍ غَيْرِ الزِّينَةِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ أَبِي رَيْحَانَةَ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى كَرَاهَةِ لُبْسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ فَأَبَاحُوهُ ومن حجتهم حديث أنس أن النبي لَمَّا أَلْقَى خَاتَمَهُ أَلْقَى النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الْخَاتَمَ فِي العهد النبوي من ليس ذا سلطان

قان قِيلَ هُوَ مَنْسُوخٌ قُلْنَا الَّذِي نُسِخَ مِنْهُ خَاتَمُ الذَّهَبِ ثُمَّ أَوْرَدَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَ الْخَوَاتِمَ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ انْتَهَى

وَلَمْ يَجِبْ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لُبْسَهُ لِغَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ التَّزَيُّنِ وَاللَّائِقُ بِالرِّجَالِ خِلَافُهُ وَتَكُونُ الْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْجَوَازِ هِيَ الصَّارِفَةُ لِلنَّهْيِ عَنِ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ نَهَى عَنِ الزِّينَةِ وَالْخَاتَمِ الْحَدِيثَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ عَلَى شَيْءٍ مَا يَحْتَاجُ إِلَى الْخَتْمِ عَلَيْهِ لَا السُّلْطَانُ الْأَكْبَرُ خَاصَّةً وَالْمُرَادُ بِالْخَاتَمِ مَا يَخْتِمُ بِهِ فَيَكُونَ لُبْسُهُ عَبَثًا وَأَمَّا مَنْ لَبِسَ الْخَاتَمَ الَّذِي لَا يَخْتِمُ بِهِ وَكَانَ مِنَ الْفِضَّةِ لِلزِّينَةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ حَالُ مَنْ لَبِسَهُ

وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ فَضَعَّفَهُ انْتَهَى كَلَامُ الحافظ باختصار

قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ وَفِيهِ مَقَالٌ وَأَبُو رَيْحَانَةَ هَذَا اسْمُهُ شَمْعُونَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ شَمْغُونَ بِالشِّينِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ وَقِيلَ قُرَشِيٌّ وَيُقَالُ لَهُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ قَدِمَ بُصْرَةَ وَرَوَى عَنْهُ مِنْ أَهْلِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ

[4050] (قَالَ نَهَى) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بسند صحيح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015