(فَإِنْ رَأَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَوَضَّأَتْ وَصَلَّتْ) الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَدَثٌ غَيْرُ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ مِنَ الدَّمِ الْخَارِجِ عَنْهَا لِأَنَّ الدَّمَ لَا يُفَارِقُهَا وَلَوْ أُرِيدَ بِقَوْلِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدَّمُ لَمْ يَكُنْ لِلْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ مَعْنًى لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ فَلَمْ تَزَلْ تَرَى الدَّمَ مَا لَمْ يَنْقَطِعِ اسْتِحَاضَتَهَا فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ هُوَ حَدَثٌ غَيْرُ الدَّمِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ طَابَقَ الْحَدِيثُ الْبَابَ لَكِنِ الْحَدِيثُ مَعَ إِرْسَالِهِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمَقْصُودِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا مِنَ الدَّمِ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ فَمَتَى رَأَتِ الدَّمَ تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَإِذَا انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ تُصَلِّي بِالْوُضُوءِ الْوَاحِدِ مَتَى شَاءَتِ مَا لَمْ يَحْدُثُ لَهَا حَدَثٌ سَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ دَمَهَا الْخَارِجَ أَوْ غَيْرَهُ فَجَرَيَانُ الدَّمِ لَهَا حَدَثٌ مِثْلُ الْأَحْدَاثِ الْأُخَرِ وَأَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ يُفَارِقُهَا الدَّمُ أَيْضًا فِي بَعْضِ الأحيان وهذا القول أي وضوؤها حَالَةَ جَرَيَانِ الدَّمِ وَتَرْكُ الْوُضُوءِ حَالَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ
وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا مُرْسَلٌ
[306] (عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى المستحاضة وضوء إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَوْلُ رَبِيعَةَ شَاذٌّ وَلَيْسَ للعمل عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَافَقَهُ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ هذا قول مالك يعني بن أَنَسٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي النُّسْخَتَيْنِ وَلَيْسَتْ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَكَذَا لَيْسَتْ فِي الْخَطَّابِيِّ وَلَا المنذري
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ ذِكْرُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَلَى الْمُسْتَحَاضَةِ
وَذُكِرَ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ فَلِذَا كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّهُ لَهَا وَلَا يُوجِبُهُ كَمَا لَا يُوجِبُهُ عَلَى صَاحِبِ التَّسَلْسُلِ ذَكَرَهُ الزُّرْقَانِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَوْلُ رَبِيعَةَ شَاذٌّ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ مُنْقَطِعٌ وَعِكْرِمَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ
[307] هَلْ تُعَدُّ مِنَ الْحَيْضِ