وَلَا يَضُرُّهُ الْفَرْقُ فِي اصْطِلَاحِ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ إِذِ الْكَلَامُ وَارِدٌ عَلَى أَصْلِ اللغة (أستفتيه وأخبره) الواو المطلق الْجَمْعِ وَإِلَّا كَانَ حَقُّهَا أَنْ تَقُولَ فَأُخْبِرُهُ وَأَسْتَفْتِيهِ (فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ) بِالنَّصْبِ وَفَاعِلُ مَنَعَتْنِي الْحَيْضَةُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مستأنفة مبنية لِمَا أَلْجَأَهَا إِلَى السُّؤَالِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهَا فِيهَا (أَنْعَتُ) أَيْ أَصِفُ (الْكُرْسُفَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ الْقُطْنُ وَالْمَعْنَى أُبَيِّنُ لَكِ القطن فاستعمليه وتحشي بِهِ فَرْجَكِ (فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ) مِنَ الْإِذْهَابِ (قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ) أَيِ الدَّمُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَنْقَطِعَ بِالْقُطْنِ لِاشْتِدَادِهِ وَفَوْرِهِ (قالت فَاتَّخِذِي ثَوْبًا) أَيْ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْقُطْنُ فَاسْتَعْمِلِي الثَّوْبَ مَكَانَهُ (إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا) بِالْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَيْ أَصُبُّ صَبًّا

وَالثَّجُّ جَرْيُ الدَّمِ وَالْمَاءِ جَرْيًا شَدِيدًا لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ يُقَالُ ثَجَجْتُ الْمَاءَ وَالدَّمَ إِذَا أَسَكَبْتُهُ وَعَلَى هَذَا فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَثُجُّ الدَّمَ ثَجًّا وَعَلَى الْأَوَّلِ إِضَافَةُ الْجَرْيِ إِلَى نَفْسِهَا لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ النَّفْسَ جُعِلَتْ كَأَنَّ كُلَّهَا دَمٌ ثَجَّاجٌ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى (سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا فَعَلْتِ) قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِهِ إِنَّهُ بِالنَّصْبِ لَا غَيْرُ وَالنَّاصِبُ لَهُ فَعَلْتِ (فَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ تَقْدِرِي عَلَى أَنْ تَفْعَلِي أَيَّهُمَا شِئْتِ (فَأَنْتِ أَعْلَمُ) بِمَا تَخْتَارِينَهُ مِنْهُمَا فَاخْتَارِي أَيَّهُمَا شِئْتِ (إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان) الراكضة بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْكَافِ ضَرْبُ الْأَرْضِ بِالرِّجْلِ حَالَ الْعَدْوِ كَمَا تَرْكُضُ الدَّابَّةُ وَتُصَابُ بِالرِّجْلِ أراد بها

ــــــــــــQقال بن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّه هَذَا الْحَدِيث مَدَاره عَلَى بن عَقِيلٍ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ ثِقْهُ صَدُوق لَمْ يَتَكَلَّم فِيهِ بِجَرْحٍ أَصْلًا

وَكَانَ الْإِمَام أَحْمَدُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ يُصَحِّح لَهُ وَإِنَّمَا يُخْشَى مِنْ حِفْظه إِذَا اِنْفَرَدَ عَنْ الثِّقَات أَوْ خَالَفَهُمْ أَمَّا إِذَا لَمْ يُخَالِف الثِّقَات وَلَمْ يَنْفَرِد بِمَا يُنْكَر عَلَيْهِ فَهُوَ حُجَّة وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيث هُوَ حَدِيث حَسَن وَقَالَ الْإِمَامُ أحمد هو حديث صحيح

وأما بن خُزَيْمَةَ فَإِنَّهُ أَعَلَّهُ بِأَنْ قَالَ لَا يَصِحّ لأن بن جريج لم يسمعه من بن عَقِيلٍ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قال قال بن جريج حدثت عن بن عَقِيلٍ وَلَمْ يَسْمَعهُ قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ رَوَاهُ بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015