أَخْرَجَ قِصَّةَ الْيَمِينِ مَعَ قِصَّةِ الْإِمَارَةِ فِي الْخَرَاجِ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مَعَ الْقِصَّتَيْنِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَلَكِنْ فِي نُسْخَةِ أَبَى دَاوُدَ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَقَعْتِ الْقِصَّتَانِ بِالسَّنَدِ الْوَاحِدِ مُفَرَّقًا يَعْنِي وَقَعَتْ قِصَّةُ الْإِمَارَةِ فِي بَابِ الْخَرَاجِ وَوَقَعَتْ قِصَّةُ الْيَمِينِ فِي الْأَيْمَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[3278] (ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وروي ذلك عن بن عمر وبن عباس وعائشة وهو مذهب الحسن البصري وبن سِيرِينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ فَإِنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ أَجْزَأَهُ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُهُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الصِّيَامَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِطْعَامِ فَلَا يَجُوزُ إِلَّا مَعَ عَدَمِ الْأَصْلِ كَالتَّيَمُّمِ لَمَّا كَانَ مُرَتَّبًا عَلَى الْمَاءِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا تُجْزِهِ الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا يَكُونُ وُجُوبُهَا بِالْحِنْثِ وَأَجَازُوا تَقْدِيمَ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ تَقْدِيمَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ كَمَا جَوَّزَ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَاخْتَارَهُمَا الشَّافِعِيُّ مَعًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ لك انتهى
وقال الحافظ قال بن الْمُنْذِرِ أَيْ رَبِيعَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ غَيْرَ أَهْلِ الرَّأْيِ إِنَّ الْكَفَّارَةَ تُجْزِئُ قَبْلَ الْحِنْثِ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَثْنَى الصِّيَامَ فَقَالَ لَا يُجْزِئُ إِلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ
وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ الْحِنْثِ
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ لِلْكَفَّارَةِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ أَحَدُهَا قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا تُجْزِئُ اتِّفَاقًا ثَانِيهَا بَعْدَ الْحَلِفِ وَالْحِنْثِ فَتُجْزِئُ اتِّفَاقًا ثَالِثُهَا بَعْدَ الْحَلِفِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ فَفِيهَا الْخِلَافُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ لَفْظُ الْحَدِيثِ فَقَدَّمَ الْكَفَّارَةَ مَرَّةً وَأَخَّرَهَا أُخْرَى لَكِنْ بِحَرْفِ الْوَاوِ الَّذِي لَا يُوجِبُ رُتْبَةً
قَالَ الْحَافِظُ قَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ بِلَفْظِ ثُمَّ الَّتِي تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ عِنْدَ أَبَى دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ
وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ بِهِ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ أَحَالَ بِلَفْظِ الْمَتْنِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ كَأَبِي دَاوُدَ وأخرجه