يَرُدّهُ وَلَا أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَيَسَّرَ لَهُمُ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ مَعَ أَنَّ السُّنَّةَ خِلَافُهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ فَقَالَ بَابُ الْعِيَادَةِ مِنَ الرَّمَدِ ثُمَّ أَسْنَدَ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ الْهَادِي انْتَهَى
قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ رَدًّا عَلَيْهِ إِنَّ تَرْجَمَةَ أَبِي دَاوُدَ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ انْتَهَى
قُلْتُ بَلَى تَرْجَمَةُ أَبِي دَاوُدَ حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَوْرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثًا مَرْفُوعًا صَحِيحًا فَلَا يَكُونُ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ الْمُخَالِفُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حُجَّةٌ عَلَى أَحَدٍ
وَحَدِيثُ الْبَابِ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ وَلَهُ شَاهِدٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ عَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهِ
(إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ) أَيْ بِالطَّاعُونِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى (بِأَرْضٍ) أَيْ إِذَا بَلَغَكُمْ وُقُوعُهُ فِي بَلْدَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ (فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ) بِضَمِّ التَّاءِ مِنَ الْإِقْدَامِ وَيَجُوزُ فَتْحُ التَّاءِ وَالدَّالِ مِنْ بَابِ سَمِعَ
قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ لَا تَقْدَمُوا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَرُوِي بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَكَسْرِ الثَّالِثِ انْتَهَى
ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَالصَّوَاب فِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصّ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْقُدُوم عَلَى الْأَرْض الَّتِي هُوَ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ تَعَرُّض لِلْبَلَاءِ وَقَدْ نَهَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَمَنِّي لِقَاء الْعَدُوّ وَإِذَا وَقَعَ فِي أَرْض هُوَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفِرّ مِنْهُ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا وَإِنْ ظَنَّ فِي ذَلِكَ نَجَاته بَلْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَصْبِر كَمَا قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم في العدو وإذا لقيتموه فاصبروا لاسيما وَالطَّاعُون قَدْ جَاءَ أَنَّهُ وَخْز أَعْدَائِنَا مِنْ الْجِنّ فَالطَّاعُون كَالطِّعَانِ فَلَا يَنْبَغِي الْفِرَار مِنْهُمَا وَلَا تَمَنِّي لِقَائِهِمَا