يعلم أنها الماء الدافق واستحبوا أن يَغْتَسِلَ مِنْ طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرَ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ رَأَى فِي النَّوْمِ أَنَّهُ قَدِ احْتَلَمَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ

انْتَهَى كَلَامُهُ

قُلْتُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجَمَاعَةُ الْأُولَى مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ رُؤْيَةِ الْبِلَّةِ فِي الْمَنَامِ مُوجِبٌ لِلِاغْتِسَالِ هُوَ أَوْفَقُ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَبِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ

وَبِحَدِيثِ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ بِلَفْظِ لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ حَتَّى تُنْزِلَ

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ مُجَرَّدِ وُجُودِ الْمَنِيِّ سَوَاءٌ انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ الدَّفْقُ وَالشَّهْوَةُ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ) هِيَ أُمُّ أَنَسٍ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَهَرَتْ بِكُنْيَتِهَا وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِهَا (أَعْلَيْهَا غُسْلٌ) بهمزة الاستفهام وعليها خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَغُسْلٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ فِيهَا مَعْنَى التعليل

قال بن الْأَثِيرِ أَيْ نَظَائِرُهُمْ وَأَمْثَالُهُمْ كَأَنَّهُنَّ شُقِقْنَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَشَقِيقُ الرَّجُلِ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ لِأَنَّ شِقَّ نَسَبِهِ مِنْ نَسَبِهِ يَعْنِي فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِرُؤْيَةِ الْبَلَلِ بَعْدَ النَّوْمِ كَالرَّجُلِ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ إِثْبَاتُ الْقِيَاسِ وَإِلْحَاقُ حُكْمِ النَّظِيرِ بِالنَّظِيرِ فَإِنَّ الْخِطَابَ إِذَا وَرَدَ بِلَفْظِ الْمُذَكَّرِ كَانَ خِطَابًا لِلنِّسَاءِ إِلَّا مَوَاضِعَ الْخُصُوصِ الَّتِي قَامَتْ أَدِلَّةُ التَّخْصِيصِ فِيهَا

انتهى

قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَأَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى أَنَّ رَاوِيهِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعُمَرِيُّ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ في الحديث

6 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَرَى مَا يَرَى الرَّجُلُ مِنَ الإحتلام والبلة)

[237] (يَرَى الرَّجُلُ) فَمَا حُكْمُهَا وَإِنَّمَا وُضِعَ الْبَابُ لِلْمَرْأَةِ لِلْإِشَارَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ كَمَا حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ

وَاسْتَبْعَدَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ صِحَّتَهُ عَنْهُ لَكِنْ رَوَاهُ بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَهُ الْحَافِظُ

(إن الله لا يستحي مِنَ الْحَقِّ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ يُقَالُ اسْتَحْيَا بِيَاءٍ قَبْلَ الْأَلِفِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015