[2757] بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ
(بِهِ) أَيْ بِالْإِمَامِ (فِي الْعُهُودِ) وَالْمِيثَاقِ وَالصُّلْحِ وَالْأَمَانِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بَابُ يُسْتَجَنُّ بِالْإِمَامِ فِي الْعُهُودِ
قَالَ الرَّاغِبُ أَصِلُ الْجَنِّ السَّتْرُ عَنِ الْحَاسَّةِ انْتَهَى
وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ جُنَّ الشَّيْءُ يَجِنُّهُ جَنًّا سَتَرَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ سُتِرَ عَنْكَ فَقَدْ جُنَّ عَنْكَ وَأَجَنَّهُ سَتَرَهُ وَبِهِ سُمِّيَ الْجِنُّ لِاسْتِتَارِهِمْ وَاخْتِفَائِهِمْ عَنِ الأبصار ومنه سمي الجنين لا ستتاره فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَاسْتَجَنَّ فُلَانٌ إِذَا اسْتَتَرَ بِشَيْءٍ انْتَهَى
وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ يَسْتَتِرُ بِهِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ الْعِصْمَةِ وَالْوِقَايَةِ لِلرَّعِيَّةِ فَالْإِمَامُ كَالْمِجَنِّ وَالتُّرْسِ فَإِنَّ مَنِ اسْتَتَرَ بِالتُّرْسِ فَقَدْ وَقَى نَفْسَهُ مِنْ أَذِيَّةِ الْعَدُوِّ فَكَذَا الْإِمَامُ يُسْتَتَرُ بِهِ فِي الْعُهُودِ وَالْمِيثَاقِ وَالصُّلْحِ وَالْأَمَانِ فَالْإِمَامُ إِذَا عَقَدَ الْعَهْدَ وَصَالَحَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ غَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إِلَى مُدَّةٍ فَالْمُسْلِمُونَ يَسِيرُونَ وَيَمُرُّونَ فِي بِلَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ مُخَالِفُوهُمْ بِأَذِيَّةٍ وَلَا فَسَادٍ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ لِأَجْلِ هَذَا الصُّلْحِ وَكَذَا يَسِيرُونَ أَهْلُ الشِّرْكِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَالسَّتْرُ وَالْمَنْعُ عَنِ الْأَذَى والفساد لا يحصل إلا بعهد وأمان الإمام وَاللَّهُ أَعْلَمُ
كَذَا فِي الشَّرْحِ
(إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ
قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ كَالسَّاتِرِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَيَمْنَعُ النَّاسَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ وَيَحْمِي بَيْضَةَ الْإِسْلَامِ انْتَهَى قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَاهُ أَنْ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يَعْقِدُ الْعَهْدَ وَالْهُدْنَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ فَإِذَا رَأَى ذَلِكَ صَلَاحًا لَهُمْ وَهَادَنَهُمْ فَقَدْ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُجِيزُوا أَمَانَهُ لَهُمْ
وَمَعْنَى الْجُنَّةِ الْعِصْمَةُ وَالْوِقَايَةُ وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ لِأُمَّةٍ بِأَسْرِهَا مِنَ الْكُفَّارِ أَمَانًا انْتَهَى (يُقَاتَلُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِهِ) أَيْ بِرَأْيِهِ وَأَمْرِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي