غَيْرُهُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُهُمْ
ــــــــــــQقَوْله الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَال اِعْتَكَفَ الْعَشْر الْأُوَل وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَلَّ بِيَوْمٍ مِنْهُ كَمَا يُقَال قَامَ لَيَالِي الْعَشْر الْأَخِير وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَلَّ بِالْقِيَامِ فِي جُزْء مِنْ اللَّيْل
وَيُقَال قَامَ لَيْلَة الْقَدْر وَإِنْ أَخَلَّ بِقِيَامِهِ فِي بَعْضهَا
وَأَمَّا الْأَقْيِسَة الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا فَمُعَارَضَة بِأَمْثَالِهَا أَوْ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسهَا فَلَا حَاجَة إِلَى التَّطْوِيل بِذِكْرِهَا
وَأَمَّا الْمَقَام الثَّانِي وَهُوَ الِاسْتِدْلَال عَلَى اِشْتِرَاط الصَّوْم فَأُمُور أَحَدُهَا أَنَّهُ لَمْ يُعْرَف مَشْرُوعِيَّة الِاعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْمٍ وَلَمْ يَثْبُت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَد مِنْ أَصْحَابه أَنَّهُمْ اِعْتَكَفُوا بِغَيْرِ صَوْم وَلَوْ كَانَ هَذَا مَعْرُوفًا عِنْدهمْ لَكَانَتْ شُهْرَته تغني عن تكلفكم الاستدلال باعتكافه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْر الْأُوَل مِنْ شَوَّال
الثَّانِي حَدِيث عَائِشَة الَّذِي ذَكَره أَبُو دَاوُدَ فِي الْبَاب وَقَوْلهَا السُّنَّة كَذَا وَكَذَا وَلَا اِعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْمٍ
قَالَ النُّفَاةُ الْجَوَاب عَنْ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ أَحَدهَا أَنَّ رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق قَالَ فِيهِ أَبُو حاتم لا يحتج به وقال البخاري ليس مِمَّنْ يُعْتَمَد عَلَى حِفْظه وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ يُرْمَى بِالْقَدَرِ
الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْكَلَام مِنْ قَوْل الزُّهْرِيّ لَا مِنْ قَوْل عَائِشَة كَمَا ذَكَره أَبُو دَاوُدَ وَغَيْره قَالَ اللَّيْث عَنْ عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِف الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه ثُمَّ اِعْتَكَفَ أَزْوَاجه مِنْ بَعْده فَالسُّنَّة فِي الْمُعْتَكِف إِلَى آخِره لَيْسَ مِنْ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قول الزهري ومن أدركه فِي الْحَدِيث فَقَدْ وَهِمَ
الثَّالِث أَنَّ غَايَته الدَّلَالَة عَلَى اِسْتِحْبَاب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف فَإِنَّ قَوْله السُّنَّة إِنَّمَا يُفِيد الِاسْتِحْبَاب
وَقَوْله لَا اِعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْمٍ نَفْيٌ لِلْكَمَالِ
قَالَ الْمُوجِبُونَ الْجَوَاب عَمًّا ذَكَرْتُمْ أَمَّا تَضْعِيف عَبْد الرَّحْمَن بْن إِسْحَاق
فَقَدْ رَوَى لَهُ مُسْلِم فِي صَحِيحه وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْن مَعِين وَغَيْره
وَأَمَّا قَوْلكُمْ إِنَّهُ مِنْ قَوْل الزُّهْرِيّ وَمَنْ أَدْرَجَهُ فَقَدْ وَهِمَ فَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّا لَوْ تَرَكْنَا هَذَا لَكَانَ مَا ذَكَرْتُمْ فَادِحًا وَلَكِنْ قَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ عَطَاء عَنْ عَائِشَة قَالَتْ مَنْ اِعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصَّوْم فَهَذَا يُقَوِّي حَدِيث الزهري
الثاني أنه ولو ثبت أَنَّهُ مِنْ كَلَام الزُّهْرِيّ فَهُوَ يَدُلّ عَلَى أَنَّ السُّنَّة الْمَعْرُوفَة الَّتِي اِسْتَمَرَّ عَلَيْهَا الْعَمَل أَنَّهُ لَا اِعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْمٍ فَهَلْ عَارَضَ هَذِهِ السُّنَّة سُنَّة غَيْرهَا حَتَّى تُقَابِل بِهِ