بِذَلِكَ إِضَافَةَ هَذِهِ الْأُمُورِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلًا وَفِعْلًا فَهِيَ نُصُوصٌ لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرَادَتْ بِهِ الْفُتْيَا عَلَى مَعَانِي مَا عَقَلَتْ مِنَ السُّنَّةِ فَقَدْ خَالَفَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ وَالصَّحَابَةُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ كَانَ سَبِيلُهَا النَّظَرَ عَلَى أَنَّ أَبَا دَاوُدَ قَدْ ذَكَرَ عَلَى إِثْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ لَا يَقُولُ فِيهَا إِنَّهَا قَالَتِ السُّنَّةُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَا قَالَتْهُ فَتْوَى مِنْهَا وَلَيْسَ بِرِوَايَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا لَا يَعُودُ مَرِيضًا أَيْ لَا يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ قَاصِدًا عِيَادَتَهُ وَأَنَّهُ لَا يَضِيقُ عَلَيْهِ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فَيَسْأَلُهُ غَيْرَ مُعَرِّجٍ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَتْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ (لَا يَمَسُّ امْرَأَةً) تُرِيدُ الْجِمَاعَ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ إِذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ فَقَدْ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ قَالَهُ الخطابي وقد نقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ

(وَلَا يُبَاشِرُهَا) فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ عَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ بَاشَرَ أَوْ قَبَّلَ لَمْ يَفْسُدِ اعْتِكَافُهُ وَإِنْ أَنْزَلَ وَقَالَ مَالِكٌ يَفْسُدُ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ

قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ

وَفِي النَّيْلِ الْمُرَادُ بِالْمُبَاشَرَةِ هُنَا الْجِمَاعُ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْمَسِّ قَبْلَهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَى الطَّبَرِيُّ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكفون في المساجد أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اعْتَكَفُوا فَخَرَجَ رَجُلٌ لِحَاجَتِهِ فَلَقِيَ امْرَأَتَهُ جَامَعَهَا إِنْ شَاءَ فَنَزَلَتِ انْتَهَى (إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) وَلَا يُتَصَوَّرُ فِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ لِكُلِّ حَاجَةٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا كَانَ مُبَاحًا أَوْ قُرْبَةً أَوْ غَيْرَهُمَا إِلَّا الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْخُرُوجِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا (وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ) وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إِلَّا بِصَوْمٍ وَأَنَّهُ شَرْطٌ وَهُوَ قَوْلُ بن عباس وبن عمر من

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه قُلْت عَبْد الرَّحْمَن هَذَا قَالَ فِيهِ أبو حاتم لا يحتج به وقال البخاري ليس ممن يعتمد على حفظه وقال الدارقطني ضَعِيفٌ يُرْمَى بِالْقَدَرِ

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَدِيث مُخْتَصَرٌ

وَسِيَاقه يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَجْزُومًا بِرَفْعِهِ وَقَالَ اللَّيْث حَدَّثَنِي عُقَيْل عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِف الْعَشْر الْأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان حَتَّى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده وَالسُّنَّة فِي الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَخْرُج إِلَّا لِحَاجَتِهِ الَّتِي لَا بُدّ مِنْهَا وَلَا يَعُود مَرِيضًا وَلَا يَمَسّ اِمْرَأَته وَلَا يُبَاشِرهَا وَلَا اِعْتِكَاف إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَالسُّنَّة فِيمَنْ اِعْتَكَفَ أَنْ يَصُوم

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْله وَالسُّنَّة فِي الْمُعْتَكِف إِلَى آخِره لَيْسَ مِنْ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015