وَمُصَدِّقُونَ لِكِتَابِهِ وَأَنْتُمْ مُخَالِفُونَ لَهُمَا فِي التَّغْيِيرِ وَالتَّحْرِيفِ (وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) ضَبَطُوا أَمَرَ هُنَا بِوَجْهَيْنِ أَظْهَرَهُمَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي عِيَاضٌ غَيْرَهُ
كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
تَقَدَّمَ آنِفًا وَجْهُهُ وَتَأْوِيلُهُ فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ
(فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا يَوْمَ التَّاسِعِ) أَيْ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْعَاشِرِ فَيَكُونُ مُخَالَفَةً فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَمَعَ هَذَا مَا كَانَ تَارِكًا لِتَعْظِيمِ الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ نُصْرَةُ الدِّينِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَصُومُونَ شُكْرًا وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الشُّكْرِ سِيَّمَا عَلَى وَجْهِ الْمُشَارَفَةِ عَلَى مِثْلِ زَمَانِ وُقُوعِ النِّعْمَةِ فِيهِ بَلْ صَوْمُ الْعَاشِرِ أَيْضًا فِيهِ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ إِذِ الْفَتْحُ كَانَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَالصَّوْمُ مَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ أَوَّلِهِ وَلَوْ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَالَفَتَهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ لَتَرَكَ الصَّوْمَ مُطْلَقًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الطِّيبِيُّ لَمْ يَعِشْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْقَابِلِ بَلْ تُوُفِّيَ فِي الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ
ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَالصَّحِيح أَنَّ الْمُرَاد صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر لَا نَقْلُ الْيَوْم لِمَا رَوَى أَحْمَد في مسنده من حديث بن عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَالِفُوا الْيَهُود صُومُوا يَوْمًا قَبْله أو يوما بعده وقال عطاء عن بن عَبَّاس صُومُوا التَّاسِع وَالْعَاشِر وَخَالِفُوا الْيَهُود ذَكَره البيهقي
وهو يبين أن قول بن عَبَّاس إِذَا رَأَيْت هِلَال الْمُحَرَّم فَاعْدُدْ فَإِذَا كَانَ يَوْم التَّاسِع فَاصْبَحْ صَائِمًا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَاد بِهِ أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ التَّاسِع بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَصُوم الْيَوْم التَّاسِع قَبْل عَاشُورَاء
فَإِنْ قِيلَ فَفِي آخِر الْحَدِيث قِيلَ كَذَلِكَ كَانَ يَصُومهُ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِهِ نَقْل الصَّوْم لَا صَوْم يَوْم قَبْله