لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَرُجُوعُهُ إِلَى الْكُلِّ أَوْلَى (وَقَالَ) اللَّهُ تَعَالَى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فَفَرَضَ الصَّوْمَ وَنَسَخَ التَّخْيِيرَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدِ بْنِ الْمَسِيحِ وَفِيهِ مَقَالٌ
أَيْ هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ أَنَّ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْآيَةُ وَعَلَى الَّذِينَ يطيقونه ثَابِتَةٌ لِلشَّيْخِ وَالْحُبْلَى وَهِيَ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ
(قَالَ أثبتت للحبلى) أي أثبتت الآية وعلى الذين يطيقونه لَهُمَا وَنُسِخَتْ فِي الْبَاقِي فَالنَّسْخُ السَّابِقُ أَرَادَ بِهِ نَسْخَ الْعُمُومِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ يُطِيقُ الصَّوْمَ لَكِنْ لَهُ عُذْرٌ يُنَاسِبُ الْإِفْطَارَ أَوْ عَلَيْهِ فِيهِ زِيَادَةُ تَعَبٍ كَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ فَالْآيَةُ فِيهِ بَقِيَتْ مَعْمُولَةٌ وَنُسِخَتْ فِي غَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ فِي بِنَاءِ هَذَا الْإِثْبَاتِ إِلَى تَقْدِيرِ لَا فِي قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ يطيقونه أَيْ لَا يُطِيقُونَهُ
قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
(كَانَتْ) هَذِهِ الْآيَةُ وَعَلَى الَّذِينَ يطيقونه (رُخْصَةً) ثَابِتَةً بَاقِيَةً إِلَى الْآنَ (لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام) لَكِنْ مَعَ شِدَّةٍ وَتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ أَوْ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ (أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى الْأَخِيرَ مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا قَالَ زَادَ مِسْكِينًا آخَرَ فَهُوَ خَيْرٌ قَالَ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ وَأَمَرَ أَنْ يُطْعِمَ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُطِيقُهُ
وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ
قَالَ في سبل السلام روي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ أَيْ يُكَلَّفُونَهُ وَلَا يُطِيقُونَهُ وَيَقُولُ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ هِيَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْهِمَّةِ انْتَهَى