فَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ (وَإِنْ كَانَ) أَيِ الْوَلَدُ عَاهَرَ (بِهَا) أَيْ زَنَى بِهَا (فَإِنَّهُ) أَيِ الْوَلَدُ (لَا يَلْحَقُ) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ أَوِ الْمَجْهُولِ (وَلَا يَرِثُ) أَيْ وَلَا يَأْخُذُ الْإِرْثَ (وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُدْعَى لَهُ) وَصْلِيَّةُ تَأْكِيدٍ وَمُبَالَغَةٌ لِمَا قَبْلَهُ (هُوَ ادَّعَاهُ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيِ انْتَسَبَهُ (فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (مِنْ حُرَّةٍ كَانَ) أَيِ الْوَلَدُ (أَوْ أَمَةٍ) أَيْ مِنْ جَارِيَةٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ أَحْكَامٌ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أوائل الإسلام ومبادىء الشَّرْعِ وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَاسْتَلْحَقَ لَهُ وَرَثَتُهُ وَلَدًا فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِي يُدْعَى الْوَلَدُ لَهُ وَرَثَتُهُ قَدْ أَنْكَرَ أَنَّهُ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَلَمْ يَرِثْ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْكَرَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَتِهِ لَحِقَهُ وَوَرِثَ مِنْهُ مَا لَمْ يُقْسَمْ بَعْدُ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَرِثْ مَا قُسِمَ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةِ غَيْرِهِ كَابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ أَوْ مِنْ حُرَّةٍ زَنَى بِهَا لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَرِثُ بَلْ لو استلحقه الواطىء لم يلحق به فإن الزنى لَا يُثْبِتُ النَّسَبَ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ إِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ زَوْجَةٌ أَوْ مَمْلُوكَةٌ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ
ــــــــــــQوَيُدْعَى لَهُ فِي الْجَاهِلِيَّة أَنَّهُ أَبُوهُ فَإِذَا اِدَّعَاهُ وَرَثَة هَذَا الزَّانِي فَالْحُكْم مَا ذُكِرَ
وَنَظِير هَذَا الْقَضَاء قِصَّة سَعْد بْن أَبِي وقاص وعبد بن زمعة في بن أَمَة زَمْعَة فَإِنَّ وَرَثَة عُتْبَة وَهُوَ سَعْد اِدَّعَى الْوَلَد أَنَّهُ مِنْ أَخِيهِ وَادَّعَى عَبْد أَنَّهُ أَخُوهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاش أَبِيهِ فَأَلْحَقهُ النبي صلى الله عليه وسلم بِمَالِك الْأَمَة دُون عُتْبَة
وَهُوَ تَفْسِير قَوْله وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَة لَمْ يَمْلِكهَا أَوْ مِنْ حُرَّة عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَق بِهِ وَلَا يَرِث وَسَيَأْتِي بَعْد هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى
وَقَدْ يَتَمَسَّك بِهِ مِنْ يَقُول الْأَمَة لَا تَكُون فِرَاشًا وَإِنَّمَا يَلْحَق الْوَلَد لِلسَّيِّدِ بِالدَّعْوَى لَا بِالْفِرَاشِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَة لِقَوْلِهِ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَة يَمْلِكهَا يَوْم أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمِنْ اِسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّمَا جَعَلَهُ لَاحِقًا بِهِ بِالِاسْتِلْحَاقِ لَا بِالْإِصَابَةِ وَلَكِنَّ قِصَّة عَبْد بْن زَمْعَة أَصَحّ مِنْ هَذَا وَأَصْرَح فِي كَوْن الْأَمَة تَصِير فِرَاشًا كَمَا تَكُون الْحُرَّة يَلْحَق الْوَلَد بِسَيِّدِهَا بِحُكْمِ الْفِرَاش كَمَا يَلْحَق بِالْحُرَّةِ كَمَا سَيَأْتِي
وَلَيْسَ فِي حَدِيث عَمْرو بْن شُعَيْب أَنَّهُ لَا يَلْحَق وَلَده مِنْ أَمَته إِلَّا بِالِاسْتِلْحَاقِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ عِنْد تَنَازُع سَيِّدهَا وَالزَّانِي فِي وَلَدهَا يَلْحَق بِسَيِّدِهَا الَّذِي اِسْتَلْحَقَهُ دُون الزَّانِي وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاع فِيهِ فَالْحَدِيثَانِ مُتَّفِقَانِ
وَاَللَّه أعلم