مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وعتاقه

قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ

وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ صَالِحٍ الْمَكِّيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ

وَالْمَحْفُوظُ فِيهِ إِغْلَاقٌ وَفَسَّرُوهُ بَالْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ يُغْلَقُ عَلَيْهِ أَمْرُهُ وَتَصَرُّفُهُ وَقِيلَ كَأَنَّهُ يُغْلَقُ عَلَيْهِ وَيُحْبَسُ وَيُضَيَّقُ عليه حتى يطلق وقيل الإغلاق ها هنا الْغَضَبُ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ كُلِّهِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ وَلَكِنْ لِيُطَلِّقْ لِلسُّنَّةِ كَمَا أُمِرَ انْتَهَى

(بَاب فِي الطلاق على الهزل)

(عن بن مَاهَكَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ هُوَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ الْفَارِسِيُّ الْمَكِّيُّ (ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ) الْهَزْلُ أَنْ يُرَادَ بَالشَّيْءِ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ بِغَيْرِ مُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا وَالْجِدُّ مَا يُرَادُ بِهِ مَا وُضِعَ لَهُ أَوْ مَا صَلُحَ لَهُ اللَّفْظُ مَجَازًا (النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرِّجْعَةُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا فَفِي الْقَامُوسِ بَالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ عَوْدُ الْمُطَلِّقِ إِلَى طَلِيقَتِهِ

وَفِي الْمَشَارِقِ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ وَرَجْعَةُ الْمُطَلَّقَةِ فِيهَا الْوَجْهَانِ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ وَأَنْكَرَ بن مَكِّيٍّ الْكَسْرَ وَلَمْ يُصِبْ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ اتَّفَقَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَرِيحَ لَفْظِ الطلاق إذا جرى على لسان انسان الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فَإِنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِهِ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَقُولَ كُنْتُ لَاعِبًا أَوْ هَازِلًا أَوْ لَمْ أَنْوِهِ طَلَاقًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ

وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ الله هزوا وَقَالَ لَوْ أُطْلِقَ لِلنَّاسِ ذَلِكَ لَتَعَطَّلَتِ الْأَحْكَامُ وَلَمْ يُؤْمَنْ مُطَلِّقٌ أَوْ نَاكِحٌ أَوْ مُعْتِقٌ أَنْ يَقُولُ كُنْتُ فِي قَوْلِي هَازِلًا فَيَكُونُ في ذلك

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَرَى طَلَاق الْمُكْرَه لَازِمًا قَالَ لِأَنَّهُ أَكْثَر مَا فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدهُ وَالْقَصْد لَا يُعْتَبَر فِي الصَّرِيح بِدَلِيلِ وُقُوعه مِنْ الْهَازِل وَاللَّاعِب وَهَذَا قِيَاس فَاسِدٌ فَإِنَّ الْمُكْرَه غَيْر قَاصِد لِلْقَوْلِ وَلَا لِمُوجِبِهِ وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَأُكْرِه عَلَى التَّكَلُّم بِهِ وَلَمْ يُكْرَه عَلَى الْقَصْد

وَأَمَّا الْهَازِل فَإِنَّهُ تَكَلَّمَ بِاللَّفْظِ اِخْتِيَارًا وَقَصَدَ بِهِ غَيْر مُوجِبه وَهَذَا لَيْسَ إِلَيْهِ بَلْ إِلَى الشَّارِع فَهُوَ أَرَادَ اللَّفْظ الَّذِي إِلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ لَا يَكُون مُوجِبه وَلَيْسَ إِلَيْهِ فَإِنَّ من باشر سبب لكم بِاخْتِيَارِهِ لَزِمَهُ مُسَبَّبه وَمُقْتَضَاهُ وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ

وَأَمَّا الْمُكْرَه فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا فَقِيَاسه عَلَى الْهَازِل غَيْرُ صَحِيحٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015