الْحَيْضِ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً
[2181] (فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُطَلِّقْهَا إِذَا طَهُرَتْ) فِيهِ جَوَازُ الطَّلَاقِ حَالَ الطُّهْرِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا فِيهَا وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى الْمَنْعِ
وَاسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بَالْجَوَازِ بِظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَبِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ الْحَيْضِ فَإِذَا طَهُرَتْ زَالَ مُوجِبُ التَّحْرِيمِ فَجَازَ الطَّلَاقُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ كَمَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَطْهَارِ
وَاسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ بَالرِّوَايَةِ الْأُولَى فَفِيهَا نَصٌّ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ الَّتِي كَانَ طَلَّقَ فِيهَا بَلْ فِي الطُّهْرِ التَّالِي لِلْحَيْضَةِ الْأُخْرَى (أَوْ وَهِيَ حَامِلٌ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ بَيَانٌ أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَهُوَ مُطَلِّقٌ لِلسُّنَّةِ وَيُطَلِّقُهَا فِي أَيْ وَقْتٍ شَاءَ فِي الْحَمْلِ وَهُوَ قَوْلُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيهَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يَجْعَلُ بَيْنَ وُقُوعِ التَّطْلِيقَتَيْنِ شَهْرًا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ التَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثَ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَزُفَرُ لَا يُوقِعُ عَلَيْهَا وَهِيَ حَامِلٌ أَكْثَرَ مِنْ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَتْرُكُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ثُمَّ يُوقِعُ سَائِرَ التَّطْلِيقَاتِ انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[2182] (فَتَغَيَّظَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حُرْمَةِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْضَبُ بِغَيْرِ حَرَامٍ كَذَا قَالَ عَلِيٌّ القارىء (ثُمَّ إِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا طَاهِرًا) قَالَ فِي الْفَتْحِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ طَاهِرًا هَلِ الْمُرَادُ انْقِطَاعُ الدَّمِ أَوِ التَّطَهُّرُ بَالْغُسْلِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ وَالرَّاجِحُ الثَّانِي لِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِلَفْظِ مُرْ عَبْدَ اللَّهِ فَلْيُرَاجِعْهَا فَإِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا الْأُخْرَى فَلَا يَمَسَّهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَهَا فَلْيُمْسِكْهَا (كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى) أَيْ بقوله فطلقوهن