الأثم (مِنْ غِشْيَانِهِنَّ أَيْ مِنْ وَطْئِهِنَّ (مِنْ أَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُنَّ مُزَوَّجَاتٌ وَالْمُزَوَّجَةُ لَا تَحِلُّ لِغَيْرِ زَوْجِهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِبَاحَتَهُنَّ بِقَوْلِهِ (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلا ما ملكت أيمانكم) المراد بالمحصنات ها هنا الْمُزَوَّجَاتُ وَمَعْنَاهُ وَالْمُزَوَّجَاتُ حَرَامٌ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ إِلَّا مَا مَلَكْتُمْ بَالسَّبْيِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ زَوْجِهَا الْكَافِرِ وَتَحِلُّ لَكُمْ إِذَا انْقَضَى اسْتِبْرَاؤُهَا (إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ) أَيِ اسْتِبْرَاؤُهُنَّ وَهِيَ بِوَضْعِ الْحَمْلِ عَنِ الْحَامِلِ وَبِحَيْضَةٍ عَنِ الْحَائِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إِذَا سُبِيَا مَعًا فَقَدْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ السَّبْيَ وَأَمَرَ أَنْ لَا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَغَيْرِهَا وَلَا عَمَّنْ كَانَتْ سُبِيَتْ مِنْهُنَّ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ وَحْدَهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ

ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْف يُوَرِّثهُ وَهُوَ لَا يَحِلّ لَهُ قَوْلَانِ أَحَدهمَا أَنَّ ذَلِكَ الْحَمْل قَدْ يَكُون مِنْ زَوْجهَا الْمُشْرِك فَلَا يَحِلّ لَهُ اِسْتِلْحَاقه وَتَوْرِيثه

وَقَدْ يَكُون إِذَا وَطِئَهَا تَنْفُش مَا كَانَ فِي الظَّاهِر حَمْلًا وَتَعَلَّقَ مِنْهُ فَيَظُنّهُ عَبْده وَهُوَ وَلَده فَيَسْتَخْدِمهُ اِسْتِخْدَام الْعَبْد وَيَنْفِيه عَنْهُ

وهذان الوجهان ذكر معناهما المنذري

قال بن الْقَيِّم وَهَذَا الْقَوْل ضَعِيف فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْن إِنْكَار الْأَمْرَيْنِ

اِسْتِخْدَامه وَاسْتِلْحَاقه وَقَدْ جَاءَ كَيْف يَسْتَعْبِدهُ وَيُوَرِّثهُ وَمَعْلُوم أَنَّ اِسْتِلْحَاقه وَاسْتِعْبَاده جَمْع بَيْن الْمُتَنَاقِضَيْنِ وَكَذَا إِذَا تَفَشَّى الَّذِي هُوَ حَمْل فِي الظَّاهِر وَعَلِقَتْ مِنْهُ لَا يُتَصَوَّر فِيهِ الِاسْتِلْحَاق والاستعباد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015