يُرْسِلَ إِلَى زَيْنَبَ أَيْ لَمَّا أُسِرَ بِبَدْرٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَفُدِيَ وَشَرَطَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْسِلَهَا لَهُ (فَوَفَى لِي) بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ
وَأُسِرَ أَبُو الْعَاصِ مَرَّةً أُخْرَى وَأَجَارَتْهُ زَيْنَبُ فَأَسْلَمَ وَرَدَّهَا إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نِكَاحِهِ وَوَلَدَتْ لَهُ أُمَامَةَ الَّتِي كَانَ يَحْمِلُهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي (وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ إِلَخْ) فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِبَاحَةِ نِكَاحِ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَكِنْ نَهَى عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِنْتِهِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤْذِيهَا وَأَذَاهَا يُؤْذِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَوْفُ الْفِتْنَةِ عَلَيْهَا بِسَبَبِ الْغَيْرَةِ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ الْجَمْعُ بَيْنَ بِنْتِ نَبِيِّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِنْتِ عَدُوِّ اللَّهِ
قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
[2070] (بِهَذَا الْخَبَرِ) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ (فَسَكَتَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ
ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهَذَا نَظَر فَإِنَّ هَذَا حُكْم مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَيَّد مُؤَكَّد بِالْقَسَمِ وَلَكِنْ حَلَفَ الْمِسْوَر بْن مَخْرَمَةَ أَنَّهُ لَا يُوصَل إِلَيْهِ أَبَدًا ظَاهِر فِيهِ ثِقَته بِاَللَّهِ فِي إِبْرَاره
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُول إِنَّ الْمِسْوَر وُلِدَ بِمَكَّة فِي السَّنَة الثَّانِيَة مِنْ الْهِجْرَة وَكَانَ لَهُ يَوْم مَوْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَان سِنِينَ هَذَا قَوْل أَكْثَره
وَقَوْله وَأَنَا يَوْمئِذٍ مُحْتَلِم هَذَا الْكَلِمَة ثَابِتَة فِي الصَّحِيحَيْنِ
وَفِيهِ تَحْرِيم أَذَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ وَجْه مِنْ الْوُجُوه وَإِنْ كَانَ بِفِعْلٍ مُبَاح فَإِذَا تَأَذَّى بِهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجُزْ فِعْله لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّه}
وَفِيهِ غَيْرَة الرَّجُل وَغَضَبه لِابْنَتِهِ وَحُرْمَته
وَفِيهِ بَقَاء عَار الْآبَاء فِي الْأَعْقَاب لِقَوْلِهِ بِنْت عَدُوّ اللَّه فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِهَذَا الْوَصْف تَأْثِيرًا فِي الْمَنْع وَإِلَّا لَمْ يَذْكُرهُ مَعَ كَوْنهَا مُسْلِمَة وَعَلَيْهِ بَقَاء أَثَر صَلَاح الْآبَاء فِي الْأَعْقَاب لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَانَ أبوهما صالحا}