[1896] (الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ) أَيِ الَّذِينَ وَافَقُوا مَعَهُ فِي الْقُرْآنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَرْجَمَةِ الْبَابِ لِلْمُؤَلِّفِ
وَقِيلَ بَلْ مُطْلَقًا وَالصَّحَابَةُ كَانُوا مَا بَيْنَ قَارِنٍ وَمُتَمَتِّعٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ بَنَى النَّسَائِيُّ تَرْجَمَتَهُ فَقَالَ كَمْ طَوَافُ الْقَارِنِ وَالْمُتَمَتِّعِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (لَمْ يَطُوفُوا) بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (حَتَّى رَمَوُا الْجَمْرَةَ) يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[1897] (قَالَ لَهَا طَوَافُكِ إِلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا مَرَّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ من الصحابة بن عُمَرَ وَجَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ وَغَيْرِهِمْ
وَذَهَبَتِ الْحَنَفِيَّةُ وَجَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَوَافَيْنِ وَسَعْيَيْنِ وَالْأَحَادِيثُ متواردة على معنى حديث عائشة عن بن عُمَرَ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا
وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالطَّوَافَيْنِ لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ التَّمَامَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَطُفْ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا
وَقَدِ اكْتَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ وَكَانَ قَارِنًا كَمَا هُوَ الْحَقُّ
وَاعْلَمْ أَنَّ عَائِشَةَ قَدْ أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ وَلَكِنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْفُضِي عُمْرَتَكِ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَى رَفْضِهَا إِيَّاهَا رَفْضُ الْعَمَلِ فِيهَا وَإِتْمَامُ أَعْمَالِهَا الَّتِي هِيَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَتَقْصِيرُ شَعْرِ الرَّأْسِ فَأَمَرَهَا صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَأَنْ تُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَتَصِيرَ قَارِنَةً وَتَقِفُ بِعَرَفَاتٍ وَتَفْعَلُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلَّا الطَّوَافَ فَتُؤَخِّرُهُ حَتَّى تَطْهُرَ
وَمِنْ أَدِلَّةِ أَنَّهَا صَارَتْ قَارِنَةً قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَهَا طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ الْحَدِيثَ
فَإِنَّهُ صَرِيحٌ أَنَّهَا كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ
وَيَتَعَيَّنُ
ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَة لَمَّا طُفْت بِالْكَعْبَةِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَة حَلَلْت مِنْ حَجّك وَعُمْرَتك جَمِيعًا قَالَتْ يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أَجِد فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حِين حَجَجْت قَالَ فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْد الرَّحْمَن فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيم