[1806] (أنها قالت يارسول اللَّهِ مَا شَأْنُ النَّاسِ) هَذَا دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصحيح المختار أن النبي كَانَ قَارِنًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ (مِنْ عُمْرَتِكَ) أَيِ الْعُمْرَةِ الْمَضْمُومَةِ إِلَى الْحَجِّ وَفِيهِ أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَتَحَلَّلُ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَلَا بُدَّ لَهُ فِي تَحَلُّلِهِ مِنَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَاتٍ وَالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ كَمَا فِي الْحَجِّ الْمُفْرَدِ (لَبَّدْتُ رَأْسِي وَقَلَّدَتُ هَدْيِي) فِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّلْبِيدِ وَتَقْلِيدِ الهدي
ــــــــــــQقال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه اللَّه وَقَدْ تَأْتِي مِنْ بِمَعْنَى الْبَاء كَقَوْلِهِ {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْر اللَّه} أَيّ بِأَمْرِهِ تُرِيد وَلَمْ تُحِلّ أَنْتَ بِعُمْرَةٍ
وَقَالَتْ طَائِفَة مَعْنَاهُ لَمْ تُحِلّ مِنْ الْعُمْرَة الَّتِي أَمَرْت النَّاس بِهَا
وَقَالَتْ طَائِفَة هَذِهِ اللَّفْظَة غَيْر مَحْفُوظَة فَإِنَّ عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر لَمْ يَذْكُرهَا في حديثه حكاهما بن حَزْم
وَقَالَتْ طَائِفَة هِيَ مَرْوِيَّة بِالْمَعْنَى وَالْحَدِيث وَلَمْ تُحِلّ أَنْتَ مِنْ حَجّك فَأَبْدَلَ لَفْظ الْحَجّ بِالْعُمْرَةِ
وَقَالَتْ طَائِفَة الْحَدِيث إِنَّمَا فِيهِ إِقْرَاره لَهَا عَلَى أَنَّهُ فِي عُمْرَة وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا عُمْرَة مُفْرَدَة لَا حَجَّة مَعَهَا
وَقَدْ أَخْبَرَ عَنْ نَفْسه بِأَنَّهُ قَرَنَ فَهُوَ إِذَنْ فِي حَجّ وَعُمْرَة وَمَنْ كَانَ فِي حَجّ وَعُمْرَة فَهُوَ فِي عُمْرَة قَطْعًا
وَهَذِهِ الْوُجُوه بَعْضهَا وَاهٍ وَبَعْضهَا مُقَارِب
فَقَوْل مَنْ قَالَ الْمُرَاد بِهِ مِنْ حَجَّتك بَعِيد جِدًّا إِذْ لَا يُعَبَّر بِالْعُمْرَةِ عَنْ الْحَجّ وَلَيْسَ هَذَا عُرْف الشَّرْع وَلَا يُطْلَق ذَلِكَ إِلَّا إطلاقا مقيدا فيقال هِيَ الْحَجّ الْأَصْغَر
وَقَوْل مَنْ قَالَ إِنَّهَا ظَنَّتْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فَسَخَ الْعُمْرَة كَمَا أَمَرَ أَصْحَابه وَلَمْ يُحِلّ كَمَا أَحَلُّوا فَبَعِيد جِدًّا فَإِنَّ هَذَا الظَّنّ إنما كان يظهر بإحلاله فبه يَكُون مُعْتَمِرًا فَكَيْفَ تَظُنّ أَنَّهُ قَدْ فَسَخَ بِعُمْرَةٍ وَهِيَ تَرَاهُ لَمْ يَحِلّ وَأَمَّا قَوْل من قال معناه لم تحل بعمرة ومن بِمَعْنَى الْبَاء فَتَعَسُّف ظَاهِر وَإِضَافَة الْعُمْرَة إِلَيْهِ تَدُلّ عَلَى أَنَّهَا عُمْرَة مُخْتَصَّة بِهِ هُوَ فيها