أُخْرَى وَهِيَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فَاخْتَصَّ لِذَلِكَ مَعَ الِاسْتِلَامِ بِتَقْبِيلِهِ وَوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْيَمَانِيِّ

قَالَ الْقَاضِي وَقَدِ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ وَالْفُقَهَاءِ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيِّينَ لَا يُسْتَلَمَانِ وَإِنَّمَا كَانَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ ثُمَّ ذَهَبَ (وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فَبِكَسْرِ السِّينِ وإسكان الباء الموحدة وقد أشار بن عُمَرَ إِلَى تَفْسِيرِهَا بِقَوْلِهِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعْرٌ وَهَكَذَا قَالَ جَمَاهِيرُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلُ الْعَرَبِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ إِنَّهَا الَّتِي لَا شَعْرَ فِيهَا وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السَّبْتِ بِفَتْحِ السِّينِ وَهُوَ الْحَلْقُ وَالْإِزَالَةُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ سَبَتَ رَأْسَهُ أَيْ حَلَقَهُ (فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ

قَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ قِيلَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَبْغُ الشَّعْرِ وَقِيلَ صَبْغُ الثَّوْبِ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ صَبْغَ الثِّيَابِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبَغَ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَبَغَ شَعْرَهُ

قَالَ النَّوَوِيُّ جَاءَتْ آثَارٌ عن بن عمر بين فيها تصفير بن عُمَرَ لِحْيَتَهُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ

وَذُكِرَ أَيْضًا فِي حَدِيثٍ آخَرَ احْتِجَاجُهُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ حَتَّى عِمَامَتَهُ (وَأَمَّا الْإِهْلَالُ) قَالَ المازري إجابة بن عُمَرَ بِضَرْبٍ مِنْ الْقِيَاسِ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِنَفْسِ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بَيْنَهَا فَاسْتَدَلَّ فِي مَعْنَاهُ وَوَجْهُ قِيَاسِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَحْرَمَ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالذَّهَابِ إِلَيْهِ فَأَخَّرَ بن عُمَرَ الْإِحْرَامَ إِلَى حَالِ شُرُوعِهِ فِي الْحَجِّ وَتَوَجُّهِهِ إِلَيْهِ وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ حِينَئِذٍ يَخْرُجُونَ من مكة إلى منى ووافق بن عُمَرَ عَلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ

وَقَالَ آخَرُونَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْخِلَافُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَكُلٌّ مِنْهَا جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015