قُلْتُ وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي تاريخه وبن حبان وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحَيْهِمَا
(قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْقَلَائِدُ جَمْعُ قِلَادَةٍ وَهِيَ مَا تُعَلَّقُ بِالْعُنُقِ
وَالْبُدْنُ جَمْعُ الْبَدَنَةِ وَهِيَ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ تُنْحَرُ بِمَكَّةَ (بِيَدَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (ثُمَّ بَعَثَ بِهَا) مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ (فَمَا حَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا) أَرَادَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ وَلَا يُحْرِمُ فَلِهَذَا لَا يَجْتَنِبُ عَنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ بَعْثِ الْهَدْيِ إِلَى الْحَرَمِ وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَعْثُهُ مَعَ غَيْرِهِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ يَبْعَثُ هَدْيَهُ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شيء ما يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَهُوَ مَذْهَبُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ إلا رواية حكيت عن بن عباس وبن عُمَرَ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ اجْتَنَبَ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَلَا يَصِيرُ مُحْرِمًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ لِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ
وَسَبَبُ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ بَلَغَهَا فُتْيَا بَعْضِ الصَّحَابَةِ فِيمَنْ بَعَثَ هَدْيًا إِلَى مَكَّةَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ من لبس