لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَيَعْرِفُ أَنَّ غَيْرَهُ أَعْلَمُ مِنْهُ بِهِ أَنْ يُرْشِدَ السَّائِلَ إِلَيْهِ فَإِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ وَيَتَضَمَّنُ مَعَ ذَلِكَ الْإِنْصَافَ وَالِاعْتِرَافَ بِالْفَضْلِ لِأَهْلِهِ وَالتَّوَاضُعَ (فَاسْتَتْبَعْتُ) أَيِ اسْتَصْحَبْتُ وَطَلَبْتُ مِنْهُ الْمُصَاحَبَةَ وَسَأَلْتُ مِنْهُ أَنْ يَتَّبِعَنِي فِي الذَّهَابِ إِلَى عَائِشَةَ (عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَاللَّامِ وَيُسَكَّنُ أَيْ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ (كَانَ الْقُرْآنُ) أَيْ كَانَ خُلُقُهُ جَمِيعُ مَا فُصِّلَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَكَارِمِ الأخلاق فإن النبي كَانَ مُتَحَلِّيًا بِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْوُقُوفُ عِنْدَ حُدُودِهِ والتَّأْدِيبُ بِآدَابِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِأَمْثَالِهِ وَقَصَصِهِ وَتَدَبُّرُهُ وَحُسْنُ تِلَاوَتِهِ (فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ) هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صار تطوعا في حق رسول الله وَالْأُمَّةِ فَأَمَّا الْأُمَّةُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فِي حَقِّهِمْ بالإجماع وأما النبي فَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ نَسْخُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي التَّاسِعَةِ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِيتَارِ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلَةٍ لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهَا وَيَقْعُدُ فِي الثَّامِنَةِ وَلَا يُسَلِّمُ (فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَ اللَّحْمَ) أَيْ كَبِرَ عُمْرُهُ وَبَدُنَ (أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ فَرِوَايَةُ الْمُؤَلِّفِ تَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُعُودِ فِي السَّادِسَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ النَّفْيِ لِلْقُعُودِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَلَى الْقُعُودِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ التسليم