التَّزَيُّنِ وَالتَّهَيُّؤِ بِالْهَيْئَةِ الْحَسَنَةِ الْجَمِيلَةِ عَلَى جِهَةِ التَّوَاضُعِ (مُتَضَرِّعًا) أَيْ مُظْهِرًا لِلضَّرَاعَةِ وَهِيَ التَّذَلُّلُ عند طلب الحاجة (فلم يخطب خطبكم هَذِهِ) النَّفْيُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقَيْدِ لَا إِلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الْمُصَرِّحَةُ بِالْخُطْبَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي هَذَا الحديث فرقي المنبر ولم يخطب خطبكم هَذِهِ فَإِنَّمَا نَفَى وُقُوعَ خُطْبَةٍ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُشَابَهَةً لِخُطْبَةِ الْمُخَاطَبِينَ وَلَمْ يَنْفِ وُقُوعَ مُطْلَقِ الْخُطْبَةِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ التَّمَسُّكُ بِهِ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَطَبَ لَكِنَّهُ لَمْ يَخْطُبْ كَمَا يَفْعَلُ فِي الْجُمُعَةِ وَلَكِنَّهُ خَطَبَ الْخُطْبَةَ وَاحِدَةً فَلِذَلِكَ نَفَى النَّوْعَ وَلَمْ يَنْفِ الْجِنْسَ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ فَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ وَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَاهِدًا انْتَهَى (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا الْحَنَفِيَّةُ (كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ) تَمَسَّكَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَتَكْبِيرِ الْعِيدِ وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أن المراد كصلاة العيد في عدد الركعة وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَكَوْنِهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا انْتَهَى
[1166] (اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِهَا لِلدُّعَاءِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَالْأَذَانُ