نِصْفَ النَّهَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْمٌ انتهى
وحكوا عن بن قُتَيْبَةَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُسَمَّى غَدَاءً وَلَا قَائِلَةً بَعْدَ الزَّوَالِ
وَالْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ الْغَدَاءَ وَالْقَيْلُولَةَ مَحِلَّهُمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَأَجَابَ الْمَانِعُونَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الزَّوَالِ لِأَنَّهُمْ فِي الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ لَا يَقِيلُونَ وَلَا يَتَغَدَّوْنَ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَحِينَ تضعون ثيابكم من الظهيرة نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَارِعُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الزَّوَالِ بِخِلَافِ الظُّهْرِ فَقَدْ كَانَ يُؤَخِّرُهُ بَعْدَهُ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ
قَالَهُ فِي السُّبُلِ قَالَ المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا مُطَوَّلًا
[1087] (أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ أَوَّلُهُ) وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ خُزَيْمَةَ كَانَ ابْتِدَاءُ النِّدَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَهُ فِي رِوَايَتِهِ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَذَانَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفَسَّرَ الْأَذَانَيْنِ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ يَعْنِي تَغْلِيبًا (حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ) قَالَ الْمُهَلَّبُ الْحِكْمَةُ فِي جَعْلِ الْأَذَانِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِيَعْرِفَ النَّاسُ جُلُوسَ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُنْصِتُونَ لَهُ إِذَا خَطَبَ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ نَظَرٌ لمن عند الطبراني وغيره من طريق بن إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ لِمُطْلَقِ الْإِعْلَامِ لَا لِخُصُوصِ الْإِنْصَاتِ نَعَمْ لَمَّا زِيدَ الْأَذَانُ الْأَوَّلُ كَانَ لِلْإِعْلَامِ وَكَانَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ لِلْإِنْصَاتِ (فَلَمَّا كَانَ خِلَافَةُ عُثْمَانَ وَكَثُرَ النَّاسُ) أَيْ بِالْمَدِينَةِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَكَانَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ خِلَافَتِهِ كَمَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ (بِالْأَذَانِ الثالث) في رواية فأعمر عُثْمَانُ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةِ التَّأْذِينُ الثَّانِي أَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ وَلَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهُ سُمِّيَ ثَالِثًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَزِيدًا وَأَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ فَعَلَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَثَانِيًا بِاعْتِبَارِ الْأَذَانِ الْحَقِيقِيِّ لَا الْإِقَامَةَ قَالَ فِي عُمْدَةِ القارىء الْأَذَانُ الثَّالِثُ الَّذِي هُوَ الْأَوَّلُ فِي الْوُجُودِ لَكِنَّهُ ثَالِثٌ بِاعْتِبَارِ شَرْعِيَّتِهِ بِاجْتِهَادِ عُثْمَانَ وَمُوَافَقَةِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ لَهُ بِالسُّكُوتِ وَعَدَمِ