ولو اهتدى هذا القائل بنور الحقيقة، واستضاء بنور الشريعة، لانقلب صديقا لا زنديقا، على نحو ما قدمنا عن الأئمة السابقين.

4 - الذكاء والبلادة، أو العلم والجهل: كم يؤسف العالم ويحزنه أن يرى ولده لا يأبه بالعلم، ولا ينهج نهجه، ولكن ما الحيلة أمام قضاء الله وتدبيره، فليس فى طرق الإنسان الحكيم أن يورث ولده الحكمة، أو أن يذيقه كأس المعرفة، وهنا يتجلى صدق الله فى قوله: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ [البقرة: 269].

وفى هذا المعنى يقول العالم الفاضل حنفى ناصف، رحمه الله تعالى:

أتقضي معى إن حان حينى (?) تجاربى ... وما نلتها إلا بطول عنائى

وأبذل جهدى فى اكتساب معارف ... ويفنى الذى حصلته بفنائى

ويحزننى ألا أرى لى حيلة ... لإعطائها من يستحق عطائى

إذا ورث الجهال أبناءهم ... غنى وجاها فما أشقى بنى الحكماء

لكنه كما قلنا شىء خارج عن الطوق الإنسانى اقتضته حكمة العليم الحكيم، الذى أحاط بكل شىء علما، والذى دلنا بهذا التدبير على أنه ذو الجلال والإكرام.

المنهج القرآنى فى الدلالة على وجود الصانع: كما يراه ابن رشد (?):

إذا تصفحت آيات الكتاب العزيز، وجدتها تنحصر فى ثلاثة أنواع: إما آيات تتضمن التنبيه على العناية، أعنى كون الشيء على وضع معين وصفة معينة، وإما آيات تتضمن التنبيه على الاختراع لجوهر الأشياء، وإما آيات تجمع بين الأمرين جميعا.

آيات العناية فقط:

مثل قوله تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً [النبأ: 6، 7]، إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015