الذى أرسل الحيا (?) أنبت المرعى، ثم قسمه أكلا، لكل فم بقلة، ومن الماء جرعة.
وقد يعمل الإنسان عملا صالحا يحتاج إلى تأن فى جنى ثماره، والوصول إلى نتائجه، فأولى به أن لا ييأس من بلوغ الهدف، وأن يقف موقف الآمل فى تحقيق الرجاء، دون استسلام لهوى، واستعجال لنتائج قد تتأخر، أو قد يعوقها عائق عن سرعة الإنجاز وتحقيق المراد، وأما إذا تحكمت فيه شراهة النفس، وتعجل أموره، فلن يكون حاله إلا كحال من عبر عنه المثل العربى:
فقد أبت نفسها الشرهة إلا أن تحقق مغنمها سريعا دون انتظار لنضج اللحم فوق النار فى قدرها، فأخذت بعض ما فيه ووضعته فى الرماد الحار لتأكله سريعا، وبذلك فاتها الكثير من أجل القليل.
وهكذا تصور الأمثال العربية النفس السوية فى منهجها فى الحياة، وطريقتها فى معالجة شئونها، ويبقى بعد ذلك أن تتلاءم مع الآخرين الذين يعيشون معها فى ظل مسئوليات ضخام تحتاج إلى أسلحة مادية، وطريقة ناجحة، وإعداد نفسى.
وقد يستدعى ذلك بعض التنازلات من قبل صاحبها فى سبيل اندماجه فى محيطه، وتحمله لأعباء الآخرين.
وهكذا الحياة بقوانينها والتزاماتها تأبى إلا أن تستوفى حقها كاملا من الإنسان السوى بإتمام العمل وإتقانه، والشجاعة فى تحمل مسئولياته، والإخلاص فى إنفاذه، والخبرة بأموره.
وكل هذه وفق منهج قرآنى استقر فى أعماق النفس البشرية والإنسانية من قديم الزمن وحديثه، وتعرضه الأمثال العربية بتلك الكلمات البسيطة:
فصانع القوس أدرى بأسراره، وأعلم بإمكاناته، وهو الذى يستطيع أن يصلح عيوبه.