كثرة البكاء من شعوانة، ولا سمعت صوتًا قط أحرقَ لقلوب الخائفين من صوتها إذا هي نَشَجَت، ثم نادت: " يا مَوْتي، وبَني الموتى، وإخوةَ الموتى! ".
وقال أبو عمر الضرير: سمعتها تقول: " من استطاع منكم أن يبكي فليبكِ، وإلا فليرحم الباكي، فإن الباكي إنما يبكي لمعرفته بما أتى إلى نفسه".
وعن الحارث بن مغيرة، قال: كانت شعوانة تنوح بهذين البيتين:
يُؤمِّل دنيا لتبقى له ... فوافَى المنيةَ قبلَ الأمَلْ
حثيثًا يُرَوي أصولَ الفَسيلِ ... فعايش الفَسِيلُ (?) ومات الرجُلْ وعن فضيل بن عياض قال:
(قَدِمَتْ شعوانةُ، فأتيتها، فشكوت إليها، وسألتُها أن تَدعوَ بدعاء، فقالت: " يا فضيل أمَا بينك وبين الله ما إن دعوتَهُ استجاب لك؟ "، قال: فشهق الفضيل، وخَرَّ مغشيا عليه) (?) .
منيفة بنت أبي طارق البحرانية:
كانت إذا هجم عليها الليل تقول: " بخ بخ يا نفسُ قد جاء سرور المؤمن "، فتقوم في محرابها، فكأنها الجذع القائم حتى تصبح.
وعن أم عمار بنت مليك البحراني قالت: " بِتُّ ليلةً عند منيفة ابنة أبي طارق، فما زادت على هذه الآية ترددها، وتبكي: (وكيف تكفرون وأنتم تتلَى عليكم آيات الله وفيكم رسولُه ومن يعتصمْ بالله فقد هُدِي