عوده الحجاب (صفحة 843)

ونفسه "، فقلت: " كلا، قد ترك لنا خيرًا كثيرًا "، فعمدتُ إلى أحجار، فجعلتهن في كوة البيت، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذتُ بيده، ووضعتُها على الثوب، فقلت: هذا تركه لنا "، فقال: " أما إذ ترك لكم هذا، فنعم ".

وعن ابن إسحق قال: حُدِّثْتُ عن أسماء، قالت: أتى أبو جهل في نفر، فخرجت إليهم، فقالوا: أين أبوك؟ قلت: لا أدري- والله أين هو؟، فرفع أبو جهل يَدَه، ولطم خدي لطمة خرَّ منها قُرطي، ثم انصرفوا) (?) اهـ.

وخرجت أم أيمن مهاجرة، وليس معها زاد ولا ماء، فكادت تموت من العطش، فلما كان وقت الفطر، وكانت صائمة سمعت حسًّا على رأسها، فرفعته، فإذا دلو معلق، فشربت منه حتى رويت، وما عطشت بقية عمرها " (?) .

آمنت أم كلثوم بنت عقبة- وهو سيد من سادات قريش- دون رجال بيتها، وفارقت خدرها، ومستقر أمنها ودعتها، تحت جنح الليل، فريدة شريدة، تطوي بها قدماها ثنايا الجبال، وأغوار التهائم بين مكة والمدينة، إلى مفزع دينها، ودار هجرتها، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أعقبتها بعد ذلك أمها، فاتخذت سنتها، وهاجرت هجرتها، وتركت شباب أهل بيتها وكهولهم، وهم في ضلال يعمهون (?) .

ذلك قليل من كثير مما يشهد للمرأة المسلمة باحتكام الدين في ذات نفسها، واستهانتها بالدم والروح في سبيله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015