ومما يعكس رسوخ هذا المفهوم عند الرعيل الأول، ذلك السؤال الذي وجهته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما رأتها هجرت الزينة، فقد قالت رضي الله عنها: (كانت امرأة عثمان بن مظعون تخضب- أي بالحناء- وتتطيب، فتركته، فدخلت عَلَي، فقلت: " أمَشْهَدٌ أم مَغِيب؟ " (673) ، فقالت: " مشهد " (674) ، قالت: " عثمان لا يريد الدنيا، ولا يريد النساء "، قالت عائشة: " فدخل عَلىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فلقي عثمانَ، فقال: (يا عثمان تُؤمنُ بما نؤمنُ به؟ " قال: " نعم يا رسول الله "، قال: " فَأسْوَة ما لَكَ بنا ") (567) .
(وكانت علية بنت المهدي كثيرِة الصلاة، ملازمة للمحراب، وقراءة القرآن، وكانت تتزين، وتقول: " ما حَرم الله شيئًا إلا وقد جعل فيما أحل عِوَضًا منه، فبماذا يحتج العاصي؟) (676) اهـ.
(وقال الأصمعي: رأيت في البادية امرأة عليها قميص أحمر، وهي مختضبة، وبيدها سبحة، فقلت: " ما أبعد هذا من هذا"، فقالت:
ولله مني جانب لا أضيِّعُه ... وللهو مني والبطالة جانب