وعلق القاضي ناصر الدين البيضاوي رحمه الله تعالى على قوله صلى الله عليه وسلم: " فاظفر بذات الدين" قائلًا: " إن اللائق بذوي المروءات، وأرباب الديانات، أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء، لا سيما فيما يدوم أمره، ويعظم خطره، فلذا اختاره النبي صلى الله عليه وسلم، وأبلغه، فأمر بالظفر به، الذي هو في غاية البغية، ومنتهى الاختيار والطلب، الدال على تضمن المطلوب لنعمة عظيمة، وفائدة جليلة " (?) اهـ.
ويؤكد صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بقوله فيما رواه عنه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: " الدنيا كلها متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" (?) ، أي أن الدنيا متاع زائل، وخير ما فيها من هذا المتاع: المرأة الصالحة، لأنها تُسْعِد صاحبها في الدنيا، وتعينه على أمر الآخرة، وهي خير وأبقى.
وقد روي أن أبا الأسود الدؤلي قال لبنيه:
" يا بنيَّ: قد أحسنت إليكم صغارًا، وكبارًا، وقبل أن تُولدوا! "، قالوا: " كيف أحسنتَ إلينا قبل أن نولد؟ "، قال: (اخترت لكم من الأمهاتِ من لا تُسَبُّونَ بها " (?)) .
وشكا رجل لصديقه عقوق ولده له، وسوء معاملته، ودناءة طبعه، فقال: " لا تَلم أحدًا، ولكن توجه باللوم إلى نفسك، لأنك لم تتخير أمه "، وقديمًا قال الناس: " كادت المرأة أن تلد أخاها " (*) .