قال: " إن في الموت لعافية!، قالت: " لعلك تشتهي موتي؛ فلا تفعل "، وضَحِكَتْ، وقالت: " والله، ما أشتهي أن أموت، حتى تأتي على أحد طرفَيْك: إما أن تُقْتَلَ فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، إياك أن تُعرض على خُطة فلا توافق، فتقبلها كراهية الموت ") ، قال: " وإنما عَنى أخي أن يُقتل، فيَحزنها ذلك " (أ) .
وعن ابن عيينة: حدثنا أبو المُحيَّاة، عن أمه، قال: لما قَتل الحجاج ابن الزبير، دخل على أسماء، وقال لها: " يا أمه، إن أمير المؤمنين وصاني بك، فهل لكِ من حاجة؟ "، قالت: " لست لك بأم، ولكني أم المصلوب على رأس الثَّنية، وما لي من حاجة؛ ولكن أحدثك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يخرج في ثقيف كذاب، ومُبير "، فأما الكذاب، فقد رأيناه - تعنى المختار - وأما المُبِيرُ، فأنت "، فقال لها: " مبير المنافقين " (ب) .
وعن يَعْلي التيمي قال: (دخلتُ مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث - وهو مصلوب- فجاءت أمُّهُ عجوز طويلة عمياء، فقالت للحجاج: " أما آن للراكب اًن ينزل؟ "، فقال: " المنافق؟ "، قالت: " والله ما كان منافقَا، كان صَواما قَوامًا بَرُّا "، قال: " انصرفي يا عجوز، فقد خَرِفْتِ "، قالت: لا والله ما خرفت منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في ثقيف كذاب، ومبير ... " الحديث (ج) .
هكذا كان أول ما لُقنَت المرأة من أدب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، الاعتصام بالصبر، إذا دجا الخطب، وجل المصاب.