ولقد عمد المروجون لهذه الشبهة إلى التاريخ وكتب التراجم، يفتشون في طولها وعرضها، وينقبون فيها بحثا عن مثل هؤلاء النساء، حتى ظفروا بضالتهم المنشودة، ودرتهم المفقودة، فالتقطوا أسماء عدد من النساء لم يكنَّ يبالين- فيما نقلته الأخبار عنهن- أن يظهرن سافرات أمام الرجال، واْن يلتقين معهم في ندوات أدبية وعلمية دونما تحرز أو تحرج.
* وجواب هذا من وجوه:
الأول: أن نسألهم: قد علمنا الأدلة الشرعية التي عليها تبنى الأحكام
من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس، فضمن أي مصدر من مصادر التشريع تندرج مثل هذه الأخبار، خاصة وأن أغلبها وقع بعد زمن التشريع وانقطاع الوحي؟
الثاني: فإذا علم أن حكم الإسلام إنما يؤخذ من نص ثابت كتاب الله تعالى، أو حديث صحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قياس صحيح عليهما، أو إجماع التقى عليه أئمة المسلمين وعلماؤهم، لم يصح حينئذ الاستدلال بالتصرفات الفردية عن آحاد الناس، أو ما يسميه الأصوليون بـ "وقائع الأحوال" (?) .
فإذا كانت هذه الوقائع الفردية من آحاد الناس لا تعتبر دليلا شرعيًّا